للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال آخرون: لم يمنعه مما أراد من قتله، وقال ما قال له مما قصَّ الله في كتابه: [إلا] أن الله عزّ ذكره فرضَ عليهم أن لا يمتنع من أريد قتله ممن أراد ذلك منه. (١)

ذكر من قال ذلك:

١١٧٢٩ - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا رجل سمع مجاهدًا يقول في قوله:"لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك"، قال مجاهد: كان كُتب عليهم، (٢) إذا أراد الرجل أن يقتل رجلا تركه ولا يمتنع منه.

* * *

قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله عز ذكره قد كان حرَّم عليهم قتل نفسٍ بغير نفس ظلمًا، وأن المقتول قال لأخيه:"ما أنا بباسط يدي إليك إن بسطت إليّ يدك"، لأنه كان حرامًا عليه من قتل أخيه مثلُ الذي كان حرامًا على أخيه القاتل من قتله. فأما الامتناع من قتله حين أراد قتله، فلا دلالة على أن القاتلَ حين أراد قتله وعزم عليه، كان المقتول عالمًا بما هو عليه عازمٌ منه ومحاولٌ من قتله، فترك دفعَه عن نفسه. بل قد ذكر جماعة من أهل العلم أنه قتله غِيلةً، اغتاله وهو نائم، فشدَخ رأسه بصخرةٍ. (٣) فإذْ كان ذلك ممكنًا، ولم يكن في الآيةِ دلالة على أنه كان مأمورًا بترك منع أخيه من قتله، يكون جائزًا ادعاءُ ما ليس في الآية، إلا ببرهان يجب تسليمُه.

* * *

وأما تأويل قوله:"إنّي أخاف الله رب العالمين" فإنه: إنّي أخاف الله في بسط يدي إليك إن بسطتها لقتلك= (٤) "رب العالمين"، يعني: مالك الخلائق كلها (٥) =أن يعاقبني على بسط يدي إليك.

* * *


(١) الزيادة بين القوسين لا بد منها لسياق هذه الجملة.
(٢) في المطبوعة: "كان كتب الله عليهم"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٣) انظر الآثار التالية من رقم: ١١٧٤٦-١١٧٤٩.
(٤) في المطبوعة: "فإني أخاف"، وهو لا يستقيم، والصواب ما أثبته من المخطوطة.
(٥) انظر تفسير"رب" و"العالمون" فيما سلف من فهارس اللغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>