للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"القطعُ في رُبْع دينارٍ فصاعدًا"، (١) وغيرُ المعروف من أحكامه. (٢)

* * *

فإن قال قائل: فإن هذه الأحكام التي ذكرتَ، كانت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير المحارب، وللمحارب حكم غير ذلك منفرد به.

قيل له: فما الحكم الذي انفرد به المحارب في سننه؟

فإن ادَّعى عنه صلى الله عليه وسلم حكمًا خلاف الذي ذكرنا، أكذبه جميعُ أهل العلم، لأن ذلك غير موجود بنقلِ واحدٍ ولا جماعة.

وإن زعم أن ذلك الحكم هو ما في ظاهر الكتاب، قيل له: فإن أحسن حالاتك إن سُلِّم لك، (٣) أن ظاهر الآية قد يحتمل ما قلت وما قاله من خالفك =فما برهانك على أنّ تأويلك أولى بتأويل الآية من تأويله؟

وبعد، فإذ كان الإمام مخيَّرًا في الحكم على المحارب، من أجل أنّ"أو" بمعنى التخيير في هذا الموضع عندك، أفله أن يصلبه حيًّا، ويتركه على الخشبة مصلوبًا حتى يموت من غير قتله.

فإن قال:"ذلك له"، خالف في ذلك الأمة.

وإن زعم أنَّ ذلك ليس له، وإنما له قتله ثم صلبه، أو صلبه ثم قتله= ترك علّته من أنّ الإمام إنما كان له الخيار في الحكم على المحارب من أجل أن"أو" تأتي بمعنى التخيير.

وقيل له: فكيف كان له الخيار في القتل أو النفي أو القطع، ولم يكن له الخيار في الصلب وحده، حتى تجمع إليه عقوبة أخرى؟


(١) هذا خبر مجمع عليه في الصحاح، انظر فتح الباري ١٢: ٨٩- ٩١، وسيأتي تخريجه برقم: ١١٩١٢.
(٢) قوله: "وغير المعروف من أحكامه"، معطوف على ما سلف: "وذلك قول إن قاله قائل: خلاف ما صححت به الآثار عن رسول الله ... ".
(٣) في المطبوعة: "أن يسلم لك"، غير ما في المخطوطة، وهو محض الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>