وأما قوله:"أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف"، فإنه يعني به جل ثناؤه: أنه تقطع أيديهم مخالِفًا في قطعها قَطْع أرجلهم. وذلك أن تقطع أيْمُن أيديهم، وأشمُلُ أرجلهم. فذلك"الخلاف" بينهما في القطع.
ولو كان مكان"من" في هذا الموضع"على" أو"الباء"، فقيل:"أو تقطع أيديهم وأرجلهم على خلاف= أو: بخلاف"، لأدَّيا عما أدّت عنه"من" من المعنى.
* * *
واختلف أهل التأويل في معنى"النفي" الذي ذكر الله في هذا الموضع.
فقال بعضهم: هو أن يطلب حتى يقدر عليه، أو يهرب من دار الإسلام.
ذكر من قال ذلك:
١١٨٥٥ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله:"أو ينفوا من الأرض"، قال: يطلبهم الإمام بالخيل والرّجال حتى يأخذهم فيقيم فيهم الحكم، أو ينفوا من أرض المسلمين.
١١٨٥٦ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال، نفيُه: أن يطلب.
١١٨٥٧ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:"أو ينفوا من الأرض"، يقول: أو يهربوا حتى يخرجوا من دار الإسلام إلى دار الحرب.
١١٨٥٨ - حدثني علي بن سهل قال، حدثنا الوليد بن مسلم قال، أخبرني عبد الله بن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن كتاب أنس بن مالك إلى عبد الملك بن مروان: أنه كتب إليه:"ونفيه، أن يطلبه الإمام حتى يأخذه، فإذا أخذه أقام عليه إحدى هذه المنازل التي ذكر الله جل وعز بما استحل". (١)
(١) الأثر: ١١٨٥٨- انظر التعليق السالف على الأثر: ١١٨٥٤.