للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا، قولُ من قال:"الآية معنيّ بها خاصٌّ من السراق، وهم سُرَّاق ربع دينار فصاعدًا أو قيمته"، لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"القطعُ في ربع دينار فصاعدًا". وقد استقصيت ذكر أقوال المختلفين في ذلك مع عللهم التي اعتلّوا بها لأقوالهم، والبيانَ عن أولاها بالصواب، بشواهده، (١) في كتابنا"كتاب السرقة"، فكرهنا إطالة الكتاب بإعادة ذلك في هذا الموضع.

* * *

وقوله:"جزاء بما كسبا نكالا من الله"، يقول: مكافأةً لهما على سرقتهما وعملهما في التلصصّ بمعصية الله (٢) ="نكالا من الله" يقول: عقوبة من الله على لُصُوصيتهما. (٣)

* * *

وكان قتادة يقول في ذلك ما:-

١١٩١٥ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم"، لا تَرْثُوا لهم أن تقِيموا فيهم الحدود، (٤) فإنه والله ما أمر الله بأمرٍ قَطُّ إلا وهو صلاحٌ، ولا نهى عن أمرٍ قَطُّ إلا وهو فساد. (٥)

* * *


(١) في المطبوعة: "والتلميح عن أولاها بالصواب"، والطبري لا يقول مثل هذا أبدًا. وفي المخطوطة: "والسارق عن أولاها بالصواب"، وهو تحريف قبيح من عجلة الناسخ، صواب قراءته ما أثبت.
(٢) انظر تفسير"الجزاء" فيما سلف من فهارس اللغة (جزى) .
= وتفسير"كسب" فيما سلف ٩: ١٩٦، تعليق: ١ والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير"النكال" فيما سلف ٢: ١٧٦، ١٧٧/ ٨: ٥٨٠.
(٤) "رثى له يرثى": رحمه ورق له.
(٥) ولكننا قد أظلنا زمان عطلت فيه الحدود، بزعم الرثاء لمن أصاب حدًا من حدود الله. وطالت ألسنة قوم من أهل الدخل، فاجترأوا على الله بافترائهم، وزعموا أن الذي يدعونه من الرحمة لأهل الحدود هو الصلاح، وأن ما أمر الله به هو الفساد!! فاللهم نجنا من زمان تبجح فيه الأشرار بسلطانهم، وتضاءل فيه أهل الإيمان بمعاصيهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>