للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دليل على مثل الذي دلَّ عليه قوله:"وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط".

وإذْ لم يكن في ظاهر التنزيل دليلٌ على نسخ إحدى الآيتين الأخرى، ولا نفي أحد الأمرين حكم الآخر= ولم يكن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبٌر يصحُّ بأن أحدهما ناسخ صاحبَه= ولا من المسلمين على ذلك إجماعٌ= (١) صحَّ ما قلنا من أن كلا الأمرين يؤيِّد أحدهما صاحبه، ويوافق حكمُه حكمَه، ولا نسخ في أحدهما للآخر.

* * *

وأما قوله:"وإن تُعْرِض عنهم فلن يضروك شيئًا"، فإن معناه: وإن تعرض يا محمد، عن المحتكمين إليك من أهل الكتاب، فتدَع النظر بينهم فيما احتكموا فيه إليك، فلا تحكم فيه بينهم (٢) ="فلن يضروك شيئًا"، يقول: فلن يقدِرُوا لك على ضُرَّ في دين ولا دنيا، فدع النظر بينهم إذا اخترت ترك النظر بينهم. (٣)

* * *

وأما قوله:"وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط"، فإن معناه: وإن اخترت الحكم والنَظَر، يا محمد، بين أهل العهدِ إذا أتوك="فاحكم بينهم بالقسط"، وهو العدل، (٤) وذلك هو الحكم بما جعله الله حكمًا في مثله على جميع خلقِه من أمة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم.

* * *

وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة أهل التأويل.

ذكر من قال ذلك:

١١٩٩٧ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا مغيرة،


(١) السياق: "وإذ لم يكن في ظاهر التنزيل دليل ... صح ما قلنا"، وما بينهما عطف على صدر الكلام.
(٢) انظر تفسير" الإعراض". فيما سلف ٩: ٣١٠، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير" الضر" فيما سلف ٧: ١٥٧.
(٤) انظر تفسير"القسط" فيما سلف ص: ٩٥، تعليق: ٣، والمراجع هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>