للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فليس على الجارح سبيلٌ ولا قَوَدٌ ولا عَقْلٌ، ولا حَرَج عليه، (١) من أجل أنه تصدق عليه الذي جُرِح، فكان كفارة له من ظلمه الذي ظَلَم.

* * *

قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب، قولُ من قال: عني به:"فمن تصدّق به فهو كفارة له"، المجروحَ (٢) = فلأن تكون"الهاء" في قوله:"له" عائدةً على"مَنْ"، أولى من أن تكون مِنْ ذِكْر من لم يجر له ذكر إلا بالمعنى دون التصريح، وأحرَى، إذ الصدقة هي المكفِّرة ذنبَ صاحبها دون المتصدَّق عليه في سائر الصدقات غير هذه، فالواجب أن يكون سبيلُ هذه سبيلَ غيرها من الصدَّقات.

* * *

فإن ظنّ ظانّ أن القِصاصَ= إذْ كان يكفّر ذنب صاحبه المقتصّ منه الذي أتاه في قتل من قتله ظلمًا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم إذ أخذ البيعة على أصحابه (٣) "أن لا تقتلوا ولا تزنُوا ولا تسرقوا" ثم قال:"فمن فَعَل من ذلك شيئًا فأقيم عليه حدُّه فهو كفارته" (٤) فالواجب أن يكونَ عفوُ العافي المجنيِّ عليه، أو ولي المقتول عنه نظيرَه، (٥) في أن ذلك له كفارة. فإن ذلك لو وجب أن يكون كذلك، لوجب أن يكون عفوُ المقذوفِ عن قاذفه بالزنا، وتركِه أخذه


(١) في المطبوعة: "ولا جرح عليه"، والصواب ما أثبت، والمخطوطة غير منقوطة.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "عنى به فمن تصدق ... "، والسياق يقتضي ما أثبت.
(٣) في المطبوعة: "كقول النبي صلى الله عليه وسلم"، والصواب ما أثبت.
(٤) هذا الخبر رواه أبو جعفر مختصرًا غير مسند، وهو خبر صحيح. انظر صحيح مسلم ١١: ٢٢٢ - ٢٢٤.
(٥) السياق: "فإن ظن ظان أن القصاص، إذ كان يكفر ذنب صاحبه ... فالواجب أن يكون عفو العافي ... نظيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>