للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأما الدية إذا اختارها المجروحُ ثم عفا عنها، فلم يُقْض عليه بحدّ ذنبه، فيكون ممن دخل في حكم النبي صلى الله عليه وسلم وقوله:"فمن أقيم عليه الحد فهو كفارته". ثم مما يؤكد صحة ما قلنا في ذلك، الأخبارُ التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله:"فمن تصدّق بدمٍ"، (١) وما أشبه ذلك من الأخبار التي قد ذكرناها قبل.

* * *

وقد يجوز أن يكون القائلون إنه عنى بذلك الجارحَ، أرادوا المعنى الذي ذُكر عن عروة بن الزبير الذي:-

١٢١٠٢- حدثني به الحارث بن محمد قال، حدثنا القاسم بن سلام قال، (٢) حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال، أخبرني عبد الله بن كثير، عن مجاهد قال: إذا أصاب رجل رجلا ولا يعلم المُصاب من أصابه، فاعترف له المصيب، فهو كفارة للمُصيب. قال: وكان مجاهد يقول عند هذا: أصاب عروة ابن الزبير عينَ إنسان عند الركن فيما يستلمون، (٣) فقال له: يا هذا، أنا عروة بن الزبير، فإن كان بعينك بأس فأنَا بها!

* * *

وإذا كان الأمر من الجارح على نحو ما كان من عروة من خطأ فعلٍ على غير عمدٍ، ثم اعترف للذي أصابه بما أصابه، فعفا له المصاب بذلك عن حقِّه قبله، فلا تبعة له حينئذٍ قَبِل المُصيب في الدنيا ولا في الآخرة. لأن الذى كان وجب له قبله مالٌ لا قِصاص، وقد أبرأه منه: فإبراؤه منه، كفَّارة للمبرَّأ من حقه


(١) في المطبوعة والمخطوطة."فمن تصدق به"، والصواب ما أثبته، وهو نص الأثر السالف رقم: ١٢١٠٠.
(٢) في المطبوعة: "قال حدثنا ابن سلام"، وفي المخطوطة: "قال حدثنا القاسم الحارث بن سلام" ثم ضرب على"القاسم" و"الحارث" ثم وضع بجوار"القاسم" علامة التصحيح وهي (صح) .
(٣) في المخطوطة: "فيما يسلمون"، وتركت ما في المطبوعة على حاله، وهو قريب الاستقامة. وفي تفسير أبي حيان ٣: ٤٩٧، "وهم يستلمون"، وهي أجود.

<<  <  ج: ص:  >  >>