للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حدثني والدي إسحاق بن يسار، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: لما حاربت بنو قينقاع رسول الله صلى الله عليه وسلم، تشبَّث بأمرهم عبد الله بن أبيّ وقام دونهم، ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم= وكان أحد بني عوف بن الخزرج، له من حلفهم مثلُ الذي لهم من عبد الله بن أبيّ= فخلعهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم، وقال: يا رسول الله، أتبرَّأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم، وأتولى الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ من حلف الكُفّار وَولايتهم! ففيه وفي عبد الله بن أبيّ نزلت الآيات في"المائدة":"يا أيها الذين آمنوا لا تتْخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعضٍ"، الآية. (١)

* * *

وقال آخرون: بل عُني بذلك قومٌ من المؤمنين كانوا هَمُّوا حين نالهم بأحُدٍ من أعدائهم من المشركين ما نالهم= أن يأخذوا من اليهود عِصَمًا، (٢) فنهاهم الله عن ذلك، وأعلمهم أنّ من فعل ذلك منهم فهو منهم.

ذكر من قال ذلك:

١٢١٥٩ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم"، قال: لما كانت وقعة أحُدٍ، اشتدّ على طائفة من الناس، وتخوَّفوا أن يُدَال عليهم الكفَّار، (٣) فقال رجل لصاحبه: أمَّا أنا فألحق بدهلك اليهوديّ، فآخذ منه أمانًا وأتهَوّد معه، (٤) فإني أخاف أن تُدال علينا اليهود. وقال الآخر: أمَّا أنا فألحق بفلانٍ النصراني ببعض أرض


(١) الأثر: ١٢١٥٨- سيرة ابن هشام ٣: ٥٢، ٥٣.
(٢) "العصم" جمع"عصمة": وهي الحبال والعهود، تعصمهم وتمنعهم من الضياع.
(٣) "أديل عليه" (بالبناء للمجهول) : أي كانت له الدولة والغلبة.
(٤) "دهلك اليهودي" لم أجد له ذكرًا فيما بين يدي من الكتب. وأخشى أن يكون اسمه تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>