للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فبعث الله عصابة مع أبي بكر، فقاتل على ما قاتل عليه نبيّ الله صلى الله عليه وسلم، حتى سبَى وقتل وحرق بالنيران أناسًا ارتدّوا عن الإسلام ومنعوا الزكاة، فقاتلهم حتى أقرّوا بالماعون =وهي الزكاة= صَغرة أقمياء. (١) فأتته وفود العرب، فخيَّرهم بين خُطَّة مخزية أو حرب مُجْلية. فاختاروا الخطة المخزية، وكانت أهون عليهم أن يقرُّوا: أن قتلاهم في النار، وأن قتلى المؤمنين في الجنة، (٢) وأن ما أصابوا من المسلمين من مال ردّوه عليهم، وما أصاب المسلمون لهم من مال فهو لهم حلال.

١٢١٨٥ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله:"يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه"، قال ابن جريج: ارتدوا حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقاتلهم أبو بكر.

١٢١٨٦ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن هشام


(١) "صغرة" جمع"صاغر": وهو الراضي بالذل والضيم. و"أقمياء"جمع"قمئ": وهو الذليل الضارع المتضائل. والذي في كتب اللغة من جمع"قمئ""قماء" (بكسر القاف) و"قماء" (بضمها) . وقد مر في الأثر رقم: ٤٢٢١"قمأة" في المخطوطة، وانظر التعليق عليه هناك. و"أقمياء" جمع عزيز هنا، فإن"فعيلا" الصفة، يجمع قياسا على"أفعلاء"، إذا كان مضاعفًا، مثل"شديد" و"أشداء"، وكذلك إذا كان ناقصا واويًا أو يائيًا، نحو"غني" و"أغنياء"، و"شقي" و"أشقياء". أما الصحيح، فقليل جمعه على"أفعلاء"، مثل"صديق" و"أصدقاء". فإذا صحت رواية"أقمياء" في هذا الخبر، فهو صحيح في العربية إن شاء الله، لهذه العلة ولغيرها أيضا.
(٢) في المطبوعة: "أن يستعدوا أن قتلاهم في النار"، وفي المخطوطة مثلها غير منقوطة، ولم أجد لها تحريفًا أقرب مما أثبت، استظهرته من الخبر الذي رواه الشعبي، عن ابن مسعود وهو: قوله: "فوالله ما رضى لهم إلا بالخطة المخزية، أو الحرب المجلية. فأما الخطة المخزية فأن أقروا بأن من قتل منهم في النار، وأن ما أخذوا من أموالنا مردود علينا. وأما الحرب المجلية، فأن يخرجوا من ديارهم" (فتوح البلدان للبلاذري: ١٠١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>