فقرأته جماعة من أهل الحجاز والبصرة والكوفة:(وَالْكُفَّارِ أَوْلِيَاءَ) بخفض"الكفار"، بمعنى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوًا ولعبًا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، ومن الكفارِ، أولياءَ.
* * *
وكذلك ذلك في قراءة أبيّ بن كعب فيما بلغنا:(من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الكفار أولياء) .
* * *
وقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة والكوفة:(وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ) بالنصب، بمعنى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوًا ولعبًا والكفارَ= عطفًا بـ"الكفار" على"الذين اتخذوا".
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان متفقتا المعنى، صحيحتا المخرج، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرأة، فبأي ذلك قرأ القارئ فقد أصاب. لأن النهيَ عن اتخاذ ولي من الكفار، نهيٌ عن اتخاذ جميعهم أولياء. والنهي عن اتخاذ جميعهم أولياء، نهيٌ عن اتخاذ بعضهم وليًّا. وذلك أنه غير مشكل على أحدٍ من أهل الإسلام أنّ الله تعالى ذكره إذا حرّم اتخاذ وليّ من المشركين على المؤمنين، أنه لم يبح لهم اتخاذ جميعهم أولياء= ولا إذا حرَّم اتخاذ جميعهم أولياء، أنه لم يخصص إباحة اتخاذ بعضهم وليًّا، فيجب من أجل إشكال ذلك عليهم، طلبُ الدليل على أولى القراءتين في ذلك بالصواب. وإذ كان ذلك كذلك، فسواء قرأ القارئ بالخفض أو بالنصب، لما ذكرنا من العلة.
* * *
وأما قوله:"واتقوا الله إن كنتم مؤمنين"، فإنه يعني: وخافوا الله، أيها المؤمنون،