للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بخيل ليس بجواد! قال الله:"غلت أيديهم"، أمسكت أيديهم عن النفقة والخير. ثم قال يعني نفسه:"بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء". وقال: (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ) [سورة الإسراء: ٢٩] ، يقول: لا تمسك يدك عن النفقة.

* * *

قال أبو جعفر: واختلف أهل الجدل في تأويل قوله:"بل يداه مبسوطتان". (١) فقال بعضهم: عنى بذلك: نِعمتاه. وقال: ذلك بمعنى:"يد الله على خلقه"، وذلك نعمه عليهم. وقال: إن العرب تقول:"لك عندي يد"، يعنون بذلك: نعمةٌ.

* * *

وقال آخرون منهم: عنى بذلك القوة. وقالوا: ذلك نظير قول الله تعالى ذكره: (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الأيْدِي) [سورة ص: ٤٥] .

* * *

وقال آخرون منهم: بل"يده"، ملكه. وقال: معنى قوله:"وقالت اليهود يد الله مغلولة"، ملكه وخزائنه.

قالوا: وذلك كقول العرب للمملوك:"هو ملك يمينه"، و"فلان بيده عُقدة نكاح فلانة"، أي يملك ذلك، وكقول الله تعالى ذكره: (فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً) ، [سورة المجادلة: ١٢] .

* * *

وقال آخرون منهم: بل"يد الله" صفة من صفاته، هي يد، غير أنها ليست بجارحة كجوارح بني آدم.

قالوا: وذلك أنّ الله تعالى ذكره أخبرَ عن خصوصه آدم بما خصّه به من خلقه إياه بيده. (٢)


(١) هذه أول مرة يذكر فيها أبو جعفر أصحاب الكلام ويسميهم"أهل الجدل".
(٢) في المطبوعة: "عن خصوصية آدم"، وأعاد"خصوصية" بالنسب في جميع ما سيأتي، وهو عبث من المصحح، وأثبت ما في المخطوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>