للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفرقان="وكفرًا" يقول: وجحودًا لنبوتك. (١)

وقد أتينا على البيان عن معنى"الطغيان"، فيما مضى قبل. (٢)

* * *

وأما قوله:"فلا تأس على القوم الكافرين"، يعني بقوله: (٣) "فلا تأس"، فلا تحزن.

* * *

يقال:"أسِيَ فلان على كذا"، إذا حزن"يأسَى أسىً"،، ومنه قول الراجز: (٤)

وَانْحَلَبَتْ عَيْنَاهُ مِنْ فَرْطِ الأَسَى (٥)

* * *

يقول تعالى ذكره لنبيه: لا تحزن، يا محمد، على تكذيب هؤلاء الكفار من اليهود والنصارى من بني إسرائيل لك، فإن مثلَ ذلك منهم عادة وخلق في أنبيائهم، فكيف فيك؟

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.


(١) انظر تفسير"الكفر" فيما سلف من فهارس اللغة.
(٢) انظر تفسير"الطغيان" فيما سلف ص: ٤٥٧، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٣) في المطبوعة: "يعبي يقول"، والصواب من المخطوطة.
(٤) هو العجاج.
(٥) ديوانه: ٣١، ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٧١، والكامل ١: ٣٥٢، واللسان (حلب) (كرس) ، وهو من رجزه المشهور، مضى أوله في هذا التفسير ١: ٥٠٩، يقول: يَا صَاحِ، هَلْ تَعْرِفُ رَسْمًا مُكْرَسَا? ... قَالَ: نَعَمْ! أَعْرِفُهُ! وَأَبْلَسَا
وَانْحَلَبَتْ عَيْنَاهُ مِنْ فَرْطِ الأَسَى
ومضى شرح البيتين الأولين. و"انحلبت عيناه" و"تحلبتا": سال دمعهما وتتابع. وكان في المطبوعة: "وأنحلت"، خالف ما في المخطوطة، لأنها غير منقوطة، فأتى بما لا يعرف. فجاء بعض من كتب على هذا البيت وصححه فكتب"وأبخلت" وقال: "معنى: أبخلت: وجدتا بخيلتين بالدمع لغلبة الحزن عليه، أي أنه من شدة حزنه لم يبك، وإنما جمدت عيناه"، فأساء من وجوه: ترك مراجعة الشعر ومعرفته، واجتهد في غير طائل، وأتى بكلام سخيف جدًا! والله المستعان.

<<  <  ج: ص:  >  >>