للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أهل دين واجتهاد فيه، ونصيحة لأنفسهم في ذات الله، وليسوا كاليهود الذين قد دَرِبُوا بقتل الأنبياء والرسل، ومعاندة الله في أمره ونهيه، وتحريفِ تنزيله الذي أنزله في كتبه. (١)

* * *


(١) قال الجصاص في أحكام القرآن ٢: ٤٥١: "ومن الجهال من يظن أن في هذه الآية مدحًا للنصارى، وإخبارًا بأنهم خير من اليهود. وليس ذلك كذلك، لأن ما في الآية من ذلك إنما هو صفة قوم قد آمنوا بالله وبالرسول. يدل عليه ما ذكر في نسق التلاوة، من إخبارهم عن أنفسهم بالإيمان بالله والرسول. ومعلوم عند كل ذي فطنة صحيحة أمعن النظر في مقالتي هاتين الطائفتين، أن مقالة النصارى أقبح وأشد استحالة، وأظهر فسادًا من مقالة اليهود. لأن اليهود تقر بالتوحيد في الجملة، وإن كان فيها مشبهة تنقض ما اعتقدته في الجملة من التوحيد بالتشبيه".
ونقل هذا: أبو حيان في تفسيره (٤: ٤، ٥) ، ثم قال: "والظاهر ما قاله المفسرون وغيرهم من أن النصارى على الجملة أصلح حالا من اليهود. وقد ذكر المفسرون فيما تقدم، ما فضل به النصارى على اليهود من كرم الأخلاق، والدخول في الإسلام سريعًا. وليس الكلام واردا بسبب العقائد، وإنما ورد بسبب الانفعال للمسلمين. وأما قوله: "لأن ما في الآية من ذلك، إنما هو صفة قوم قد آمنوا بالله وبالرسول"، ليس كما ذكر، بل صدر الآية يقتضي العموم، لأنه قال: "ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى"، ثم أخبر أن من هذه الطائفة علماء وزهادًا متواضعين، وسريعي استجابة للإسلام، وكثيري بكاء عند سماع القرآن. واليهود بخلاف ذلك. والوجود يصدق قرب النصارى من المسلمين، وبعد اليهود".
وهذا كلام فيه نظر يطول، ليس هذا موضع تفصيله، وإنما نقلته لك لتتأمله وتتدبره.

<<  <  ج: ص:  >  >>