للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنده ما يبلغ ذلك، (١) نظروا ثمنه فقوَّموه طعامًا، ثم صام مكان كل صاع يومين.

* * *

وقال آخرون: لا معنى للتكفير بالإطعام، لأن من وجد سبيلا إلى التكفير بالإطعام، فهو واجد إلى الجزاء بالمثل من النعم سبيلا. ومن وجد إلى الجزاء بالمثل من النعم سبيلا لم يجزه التكفير بغيره. قالوا: وإنما ذكر الله تعالى ذكره الكفارة بالإطعام في هذا الموضع، ليدلّ على صفة التكفير بالصوم= لا أنه جعل التكفير بالإطعام إحدى الكفارات التي يكفر بها قتل الصيد. (٢) وقد ذكرنا تأويل ذلك فيما مضى قبل. (٣)

* * *

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب عندي في قوله:"فجزاء مثل ما قتل من النعم"، أن يكون مرادا به: فعلى قاتله متعمدًا مثلُ الذي قتل من النعم= لا القيمة، إن اختار أن يجزيه بالمثل من النعم. وذلك أن القيمة إنما هي من الدنانير أو الدراهم. والدراهم أو الدنانير ليست للصيد بمثل، والله تعالى ذكره إنما أوجب الجزاء مثلا من النعم.

* * *

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب عندي في قوله:"أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صيامًا" أن يكون تخييرًا، وأن يكون للقاتل الخيار في تكفيره بقتله الصيد وهو محرم بأيِّ هذه الكفارات الثلاث شاء. لأن الله تعالى ذكره، جعل ما أوجبَ في قتل الصيد من الجزاء والكفارة عقوبة لفعله، وتكفيرًا لذنبه، في إتلافه ما أتلف من الصيد الذي كان حرامًا عليه إتلافه في حال إحرامه، وقد كان حلالا له قبل حال إحرامه، كما جعل الفدية من صيام أو صدقة أو نسك في حلق الشعر الذي حلقه المحرم في حال إحرامه، وقد كان له حلالا قبل حال


(١) في المطبوعة: "فإن كان ليس صيده ما يبلغ ذلك" وهو خطأ صوابه في المخطوطة.
(٢) في المخطوطة: "لأنه جعل التكفير ... " وصوابه ما في المطبوعة.
(٣) انظر ما سلف ص: ١٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>