للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنما هو: عفا الله عما سلف من ذنبه بقتله الصيد بدءًا= (١) فإنّ في قول الله تعالى ذكره:"ليذوق وبال أمره"، دليلا واضحًا على أن القول في ذلك غير ما قال، لأن العفو عن الجرم: تركُ المؤاخذة به. ومن أذيق وبال جرمه، فقد عوقب به. وغير جائز أن يقال لمن عوقب:"قد عفي عنه". وخبر الله عز وجل أصدق من أن يقع فيه تناقض.

* * *

فإن قال قائل: وما ينكر أن يكون قاتل الصيد من المحرمين في أوّل مرّة، قد أذيق وبال أمره بما ألزم من الجزاء والكفارة، وعفي له من العقوبة بأكثر من ذلك مما كان لله عز وجل أن يعاقبه به؟

قيل له: فإن كان ذلك جائزًا أن يكون تأويلَ الآية عندك= وإن كان مخالفًا لقول أهل التأويل= فما تُنكر أن يكون الانتقام الذي أوعده الله تعالى ذكره على العود بعد البدء، هو تلك الزيادة التي عفاها عنه في أول مرة، (٢) مما كان له فعله به مع الذي أذاقه من وبال أمره، فيذيقه في عوده بعد البدء وبالَ أمره الذي أذاقه المرة الأولى= ويترك عفوَه عما عفا عنه في البدء، فيؤاخذه به؟ فلن يقول في ذلك شيئا إلا ألزم في الآخر مثله. (٣)

* * *

القول في تأويل قوله: {وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (٩٥) }

قال أبو جعفر: يقول عز وجل: والله منيعٌ في سلطانه، لا يقهره قاهرٌ، ولا يمنعه من الانتقام ممن انتقم منه، ولا من عقوبة من أراد عقوبته، مانع. لأن


(١) قوله: "فإن قول الله..ز" جواب قوله: "فأما من زعم ... ".
(٢) يقال: "عفا له ذنبه" متعديا و"عفا له عن ذنبه" لازما.
(٣) في المطبوعة: "فلم يقل في ذلك شيئا" وفي المخطوطة: "فلم يقول ... " وصواب قراءتها ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>