للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأكثم بن الجون: يا أكثم، رأيتُ عمرو بن لُحيّ بن قَمَعَة بن خِنْدف يجرّ قُصْبه في النار، فما رأيت رجلا أشبه برجل منك به، ولا به منك! فقال أكثم: عسَى أن يضرّني شبهه، يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا إنك مؤمن وهو كافر، إنه أوّل من غيَّر دين إسماعيل، وبحر البحيرة، وسيَّب السائبة، وحمى الحامي". (١)

١٢٨٢١ - حدثنا هناد قال، حدثنا يونس قال، حدثني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قد عرفت أوّلَ من بَحَر البحائر، رجلٌ من مُدْلج كانت له ناقتان، فجدَع آذانهما، وحرّم ألبانهما وظهورَهما، وقال: هاتان لله! ثم احتاج إليهما، فشرب ألبانهما، وركب ظهورهما. قال: فلقد رأيته في النار يؤذِي أهل النار ريح قُصْبه. (٢)

١٢٨٢٢ - حدثنا هناد قال، حدثنا عَبْدة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عُرِضت عليَّ النار، فرأيت فيها عمرو بن فلان بن فلان بن خندف يجرّ قصْبه في النار، وهو أوّل من غيَّر دين إبراهيم، وسيب السائبة، وأشبه من رأيت به أكثم بن الجون! فقال أكثم: يا رسول الله، أيضرني شبهه؟ قال:"لا لأنك مُسلم، وإنه كافر". (٣)


(١) الأثر: ١٢٨٢٠-"محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي" روى له أصحاب الكتب الستة، تابعي ثقة كثير الحديث مضى برقم: ٤٢٤٩.
و"أبو صالح" هو: "ذكوان السمان"، تابعي ثقة. مضى مرارًا.
وأما "محمد بن إسحق"، صاحب السيرة، فقد مضى توثيق أخي السيد أحمد له في رقم: ٢٢١ وفي غيره من كتبه.
وهذا الخبر ساقه ابن كثير في تفسيره ٣: ٢٥٤، هو ورقم: ١٢٨٢٢، وفي البداية والنهاية ٢: ١٨٩، ثم قال"وليس هذان الطريقان في الكتب من هذا الوجه" يعني الصحاح وإلا فإن هذا الخبر ثابت بإسناد محمد بن إسحق في سيرة ابن هشام ١: ٧٨، ٧٩ وذكره ابن عبد البر في الاستيعاب بغير إسناد ص: ٥٥ وذكره ابن الأثير بإسناده ١: ١٢٣، ١٢٤، وابن حجر في الإصابة (ترجمة: أكثم بن الجون) ونسبه لابن أبي عروبة وابن مندة من طريق ابن إسحق وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٢: ٣٣٨ فخلط في تخريجه تخليطا شديدا فقال: "أخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير وابن مردويه والحاكم وصححه" وإنما ذلك رقم: ١٢٨٢٢، الآتي بعد. وسيأتي هذا الخبر مطولا من طريق أخرى رقم: ١٢٨٢٧، وهو إسناد أبي جعفر الثاني في رواية سيرة ابن إسحق.
وقوله: "عسى أن يضرني شبهه" يعني: لعله يضرني شبهه، يتخوف أن يكون ذلك. وفي المطبوعة: "أخشى أن يضرني شبهه" وهو مخالف للرواية، وإنما اختلط عليه خط ناسخ المخطوطة إذ كتبها مختلطة: "تحتي" كأنه أراد أن يكتب شيئًا، ثم عاد عليه حتى صار"عسى" منقوطة وبمثل ما في المطبوعة، جاءني في الدر المنثور. وكثرة مثل ذلك دلتني على أن هذه النسخة المخطوطة التي ننشرها هي التي وقعت في يد السيوطي، والصواب ما أثبته من السيرة، ومن نقل عنها.
وكان في المخطوطة أيضًا: "وحمى الحمى"، وهو خطأ محض، صوابه من مراجع هذا الخبر.
(٢) الأثر: ١٢٨٢١-"هشام بن سعد المدني""يتيم زيد بن أسلم" كان من أوثق الناس عن زيد وهو ثقة، وتكلم فيه بعضهم مضى برقم: ٥٤٩٠. وهذا خبر مرسل.
وسيأتي من طريق معمر، عن زيد بن أسلم برقم: ١٢٨٢٤.
(٣) الأثر: ١٢٨٢٢-"عبدة" هو"عبدة بن سليمان الكلابي" ثقة مضى قريبا برقم: ١٢٧٢٩. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "عبيدة" وهو خطأ صوابه في تفسير ابن كثير.
و"محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي" و"أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف" مضيا أيضًا في مثل هذا الإسناد رقم: ١٢٧٢٩ وهذا إسناد رجاله ثقات.
وهذا الخبر رواه الحاكم في المستدرك ٤: ٦٠٥، من طريق أبي حاتم الرازي، عن محمد ابن عبد الله الأنصاري عن محمد بن عمرو وفيه"فرأيت فيها عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف" مصرحا ثم قال: "وهذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.
وقد مر بك أن ابن كثير قال في تفسيره ٣: ٢٥٤ والبداية والنهاية ٢: ١٨٩، أنه ليس في الكتب يعني الصحاح ولم يزد.
وأما الحافظ ابن حجر فخرجه في الإصابة (ترجمة أكثم بن الجون) من طريق أحمد بن حنبل، عن محمد بن بشر العبدي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، بمثله ثم أشار إلى طريق الحاكم في المستدرك. ولكن أعياني أن أجد خبر أحمد في المسند.
وأما الإمام الحافظ أبو محمد بن حزم فقد رواه في كتاب جمهرة الأنساب ص: ٢٢٣ من طريق علي بن عمر الدارقطني عن الحسين بن إسمعيل القاضي المحاملي عن سعيد بن يحيى الأموي عن أبيه عن محمد بن عمرو. ثم قال أبو محمد بعد سياقه أحاديث البخاري ومسلم وهذا الحديث وهي أربعة هذا ثالثها: "أما الحديث الأول والثالث والرابع، ففي غاية الصحة والثبات" فحكم لهذا الخبر بالصحة.
وفي المطبوعة هنا: "عمرو بن فلان بن فلان بن فلان بن خندف""فلان" ثلاث مرات وهو مخالف لما في المخطوطة، وخطأ بعد ذلك فإن ما بين"عمرو" و"خندف" اثنان لا ثلاثة. وهكذا في المخطوطة والمطبوعة: "لا لأنك مسلم" ولولا اتفاقهما لرجحت أن تكون: "لا إنك مسلم" كما في رواية غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>