للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذوا عدل منكم على وصيتكم.

* * *

وتأويل الذين قالوا:"هما وصيان لا شاهدان" قولَه:"شهادة بينكم"، بمعنى الحضور والشهود لما يوصيهما به المريضُ، من قولك:"شهدت وصية فلان"، بمعنى حضرته. (١)

* * *

قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بقوله:"اثنان ذوا عدل منكم"، تأويلُ من تأوّله بمعنى أنهما من أهل الملة، دون من تأوّله أنهما من حيّ الموصي.

وإنما قلنا ذلك أولى التأويلين بالآية، لأن الله تعالى ذكره، عم المؤمنين بخطابهم بذلك في قوله:"يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم" فغير جائز أن يصرف ما عمَّه الله تعالى ذكره إلى الخصوص إلا بحجة يجب التسليم لها. وإذ كان ذلك كذلك، فالواجب أن يكون العائدُ من ذكره على العموم، (٢) كما كان ذكرهم ابتداءً على العموم.

* * *

وأولى المعنيين بقوله:"شهادة بينكم" اليمين، لا"الشهادة" التي يقوم بها مَنْ عنده شهادة لغيره، لمن هي عنده، على مَن هي عليه عند الحكام. (٣) لأنا لا نعلم لله تعالى ذكره حكمًا يجب فيه على الشاهد اليمين، فيكون جائزًا صرفُ"الشهادة" في هذا الموضع، إلى"الشهادة" التي يقوم بها بعض الناس عند الحكام والأئمة.


(١) انظر تفسير"شهد" فيما سلف من فهارس اللغة، واختلاف معانيها.
(٢) في المطبوعة: "من ذكرهم"، وما في المخطوطة صواب محض.
(٣) كان صدر هذه العبارة في المخطوطة: "شهادة بينكم، لأن الشهادة. . ."، أسقط لفظ"اليمين"، وجعل"لا الشهادة"، "لأن الشهادة"، وهو فاسد، والذي في المطبوعة هو الصواب المحض إن شاء الله، وهو مطابق لما رواه القرطبي في تفسيره ٦: ٣٤٨، عن أبي جعفر الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>