للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني بقوله:"عثرت"، أصاب منسِمُ خُفِّها حجرًا أو غيرَه. (١) ثم يستعمل ذلك في كل واقع على شيء كان عنه خفيًّا، كقولهم: (عَثَرتْ على الغَزْل بأَخَرة* فلم تَدَعْ بنَجْدٍ قَرَدَةَ) ، بمعنى: وقعت. (٢)

* * *

وأما قوله:"على أنهما استحقا إثمًا"، فإنه يقول تعالى ذكره: فإن اطلع من الوصيين اللذين ذكر الله أمرهما في هذه الآية = بعد حلفهما بالله: لا نشتري بأيماننا ثمنًا ولو كان ذا قربى، ولا نكتم شهادة الله ="على أنهما استحقا إثمًا"، يقول: على أنهما استوجبا بأيمانهما التي حلفا بها إثمًا، وذلك أن يطلع على أنهما كانا كاذبين في أيمانهما بالله ما خُنّا ولا بدَّلنا ولا غيَّرنا. فإن وجدا قد خانا من مال الميت شيئًا، أو غيرا وصيته، أو بدّلا فأثما بذلك من حلفهما بربهما (٣) ="فآخران يقومان مقامهما"، يقول، يقوم حينئذ مقامهما من ورثة الميت، الأوليان الموصَى إليهما.


(١) في المطبوعة: "ميسم خفها حجر أو غيره"، والصواب ما أثبت. و"المنسم" (بفتح فسكون فكسر) : طرف خف البعير، والنعامة والفيل. و"منسما البعير" ظفراه اللذان في يديه، وهما له كالظفر للإنسان.
(٢) هذا مثل. مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٨١، الأمثال للميداني ١: ٣٩٥، والأمثال لأبي هلال العسكري: ١٤٢. قوله"بأخرة" (بفتح الألف والخاء والراء) أي: أخيرًا. تقول: "ما عرفته إلا بأخرة"، أي: أخيرًا."ونجد"، هي الأرض المعروفة."قردة". وجمعها"قرد" (كله بفتحات) ، هو: ما تمعط من الوبر والصوف وتلبد، وهو نفاية الصوف. وأصله أن المرأة تترك الغزل وهي تجد ما تغزل من قطن أو كتان، حتى إذا فاتها، تتبعت القرد (نفاية الصوف) في القمامات، ملتقطة لتغزله. ويضرب مثلا في التفريط مع الإمكان، ثم الطلب مع الفوت. قال أبو هلال: "وهذا مثل قول العامة: نعوذ بالله من الكسلان إذا نشط". وروى هذا المثل صاحب لسان العرب في (قرد) ، ونصه"عكرت على الغزل. . ."، وفسره"عكرت، أي: عطفت". وهو بهذه الرواية لا شاهد فيه.
(٣) قوله"فأثما. . . بربهما"، انظر ما قلت في"أثم بربه" فيما سلف ٤: ٥٣٠ تعليق: ٣، / ثم ٦: ٩٢، تعليق: ٢، وبيانه هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>