للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ملك سليمان، وكما قال: وَلأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ [سورة طه: ٧١] . ف"في" توضع موضع"على"، و"على" في موضع"في"، كل واحدة منهما تعاقب صاحبتها في الكلام، (١)

ومنه قول الشاعر: (٢)

مَتَى مَا تُنِْكرُوها تَعْرِفُوهَا ... عَلَى أَقْطَارِهَا عَلَقٌ نَفِيثُ (٣)

وقد تأوّلت جماعة من أهل التأويل قول الله تعالى ذكره:"فإن عثر على أنهما استحقا إثمًا فآخران يقومان مقامهما من الذين استحقّ عليهم الأوليان"، أنهما رجلان آخرَان من المسلمين، أو رجلان أعدل من المقسمين الأوَّلَين

* ذكر من قال ذلك:

١٢٩٧٤ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الأعلى قال، حدثنا داود بن أبي هند، عن عامر، عن شريح في هذه الآية:"يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم"، قال: إذا كان الرجل بأرض غُرْبة ولم يجد مسلمًا يشهده على


(١) انظر ما سلف ١: ٢٩٩/٢: ٤١١، ٤١٢، وغيرها من المواضع في باب تعاقب الحروف.
(٢) هو أبو المثلم الهذلي.
(٣) ديوان الهذليين ٢: ٢٢٤، مشكل القرآن: ٢٩٥، ٤٣٠، والمعاني الكبير: ٩٦٩، ٩٧٠، والاقتضاب: ٤٥١، والجواليقي: ٣٧٣، واللسان (نفث) وغيرها. من أبيات في ملاحاة بينه وبين صخر الغي، من جراد دم كان أبو المثلم يطلب عقله، أي ديته، وقبل البيت: لَحَقٌ بَنِي شُغَارَةَ أن يَقُولوا ... لِصَخْرِ الغَيِّ: مَاذَا تَسْتَبِيثُ?
أي: ماذا تستثير؟ وإنما أراد الحرب، فقال له بعد: "متى ما تنكروها. . ."، أي: إذا جاءت الحرب أنكرتموها، ولكن ما تكادون تنكرونها، حتى تروا الدم يقطر من نواحيها، يعني كتائب المحاربين. و"العلق": الدم، و"الأقطار": النواحي. و"النفيث"، الدم الذي تنفثه القروح والجروح.
وقد خلط البطليوسي في شرح هذا الشعر، فزعم أن الضمير في قوله: "متى ما تنكروها"، عائد"إلى المقالة"، يعني هذا الهجاء بينهما، وأتى في ذلك بكلام لا خير فيه، أراد به الإغراب كعادته.

<<  <  ج: ص:  >  >>