وليس الذي قال ابن زيد من ذلك عندي بمدفُوعٍ، إلا أن الله تعالى ذكره عَمَّ الخبر بأنه لا يهدي جميع الفسَّاق، ولم يخصص منهم بعضًا دون بعض بخبر ولا عقلٍ، فذلك على معاني"الفسق" كلها، حتى يخصِّص شيئًا منها ما يجب التسليمُ له، فيُسلِّم له.
* * *
ثم اختلف أهل العلم في حكم هاتين الآيتين، هل هو منسوخ، أو هو مُحكَم ثابت؟
فقال بعضهم: هو منسوخ
* ذكر من قال ذلك:
١٢٩٨٤ - حدثنا أبو كريب قال، ثنا ابن إدريس، عن رجل قد سماه، عن حماد، عن إبراهيم قال: هي منسوخة.
١٢٩٨٥ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: هي منسوخة = يعني هذه الآية:"يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم"، الآية.
* * *
وقال جماعة: هي محكمة وليست بمنسوخة. وقد ذكرنا قولَ أكثرهم فيما مضَى.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن حكم الآية غيرُ منسوخ (١) وذلك أن من حكم الله تعالى ذكره الذي عليه أهل الإسلام، من لدن بعث الله تعالى ذكره نبيّه محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، أنّ من ادُّعِي عليه
(١) في المطبوعة والمخطوطة: "أن حكم الآية منسوخ"، وهو خطأ فاحش، فإن أبا جعفر يقول بعد ذلك أنها غير منسوخة، كما سترى، فالصواب ما أثبته.