للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: معناه: ثم لم يكن قيلهم عند فتنتنا إياهم، اعتذارًا مما سلف منهم من الشرك بالله ="إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين"، فوضعت"الفتنة" موضع"القول"، لمعرفة السامعين معنى الكلام. = وإنما"الفتنة"، الاختبار والابتلاء (١) = ولكن لما كان الجواب من القوم غيرَ واقع هنالك إلا عند الاختبار، وضعت"الفتنة" التي هي الاختبار، موضع الخبر عن جوابهم ومعذرتهم.

* * *

واختلفت القرأة أيضًا في قراءة قوله:"إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين".

فقرأ ذلك عامة قرأة المدينة وبعض الكوفيين والبصريين: وَاللَّهِ رَبِّنَا، خفضًا، على أن"الرب" نعت لله.

* * *

وقرأ ذلك جماعة من التابعين: (وَاللهِ رَبَّنَا) ، بالنصب، بمعنى: والله يا ربنا. وهي قراءة عامة قرأة أهل الكوفة. (٢)

* * *

قال أبو جعفر: وأولى القراءتين عندي بالصواب في ذلك، قراءةُ من قرأ: (وَاللهِ رَبَّنَا) ، بنصب"الرب"، بمعنى: يا ربَّنا. وذلك أن هذا جواب من المسئولين المقول لهم:"أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون"؟ وكان من جواب القوم لربهم: والله يا ربنا ما كنا مشركين = فنفوا أن يكونوا قالوا ذلك في الدنيا. يقول الله تعالى ذكره لمحمد صلى الله عليه وسلم: انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ.

* * *


(١) انظر تفسير"الفتنة" فيما سلف قريبًا ص ٢٩٧، رقم: ٢، والمراجع هناك.
(٢) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٣٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>