للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا! هذا البحر أمامنا، وهذا فرعون قد رَهِقنا بمن معه! (١) قال: عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون. قال: فأوحى الله جل ثناؤه إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر، وأوحى إلى البحر أن اسمع لموسى وأطع إذا ضربك. قال: فبات البحر له أفكل (٢) - يعني: له رعدة - لا يدري من أي جوانبه يضربه. قال: فقال يوشع لموسى: بماذا أمرت؟ قال: أمرت أن أضرب البحر. قال: فاضربه. قال: فضرب موسى البحر بعصاه، فانفلق فكان فيه اثنا عشر طريقا، كل طريق كالطود العظيم؛ فكان لكل سبط منهم طريق يأخذون فيه. فلما أخذوا في الطريق قال بعضهم لبعض: ما لنا لا نرى أصحابنا؟ قالوا لموسى: أين أصحابنا لا نراهم؟ قال: سيروا فإنهم على طريق مثل طريقكم. قالوا: لا نرضى حتى نراهم.

قال سفيان، قال عمار الدهني: قال موسى: اللهم أعني على أخلاقهم السيئة. قال: فأوحى الله إليه: أن قل بعصاك هكذا. وأومأ إبراهيم بيده يديرها على البحر. قال موسى بعصاه على الحيطان هكذا، (٣) فصار فيها كوى ينظر بعضهم إلى بعض.

قال سفيان: قال أبو سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس: فساروا حتى خرجوا من البحر. فلما جاز آخر قوم موسى هجم فرعون على البحر هو وأصحابه، وكان فرعون على فرس أدهم ذَنوب حصان (٤) . فلما هجم على البحر، هاب الحصان أن يقتحم في البحر، فتمثل له جبريل على فرس أنثى وديق، (٥)


(١) رهقه: غشيه وأوشك أن يدركه.
(٢) في المطبوعة"فثاب له"، وهو تصحيف مضى مثله في: ٤٥، تعليق: ٣
(٣) قال بعصاه أو بيده: أشار بها. والإشارة ضرب من التعبير والبيان، فكان مجاز القول إلى معنى الإشارة جيدا.
(٤) الأدهم: الأسود. والذنوب: الفرس الوافر الذنب الطويلة. وقوله: "حصان" هنا: أي فحل، قد ضن بمائه فلم ينز على أنثى.
(٥) الوديق: مضى تفسيرها في ص: ٤٦ تعليق: ٤

<<  <  ج: ص:  >  >>