للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويعني بقوله:"بغتة"، فجأةً، من غير علم من تفجؤه بوقت مفاجأتها إيّاه.

* * *

يقال منه:"بغتُّه أبغته بَغْتةً"، إذا أخذته كذلك:

* * *

="قالوا يا حَسْرتَنا على ما فرّطنا فيها"، يقول تعالى ذكره: وُكس الذين كذبوا بلقاء الله ببيعهم منازلهم من الجنة بمنازل من اشتروا منازله من أهل الجنة من النار، فإذا جاءتهم الساعة بغتةً قالوا إذا عاينوا ما باعوا وما اشتروا، وتبيَّنوا خسارة صفقة بَيْعهم التي سلفت منهم في الدنيا، تندُّمًا وتلهُّفًا على عظيم الغَبْن الذي غبنوه أنفسهم، وجليلِ الخسران الذي لا خسرانَ أجلَّ منه ="يا حسرتنا على ما فرطنا فيها"، يقول: يا ندامتنا على ما ضيّعنا فيها، يعني: صفقتهم تلك. (١)

* * *

و"الهاء والألف" في قوله:"فيها"، من ذكر"الصفقة"، ولكن اكتفى بدلالة قوله:"قد خسر الذين كذّبوا بلقاء الله" عليها من ذكرها، إذ كان معلومًا أن"الخسران" لا يكون إلا في صفقة بيع قد جرت. (٢)

* * *

وإنما معنى الكلام: قد وُكس الذين كذبوا بلقاء الله، ببيعهم الإيمان الذي يستوجبون به من الله رضوانَه وجنته، بالكفر الذي يستوجبون به منه سَخَطه وعقوبته، ولا يشعرون ما عليهم من الخسران في ذلك، حتى تقوم الساعة، فإذا جاءتهم الساعة بغتةً فرأوا ما لحقهم من الخسران في بيعهم، قالوا حينئذ، تندمًا:"يا حسرتنا على ما فرطنا فيها".

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:


(١) انظر تفسير"الحسرة" فيما سلف ٣: ٢٩٥/٧: ٣٣٥.
(٢) في المطبوعة: "قد خسرت"، وأثبت ما في المخطوطة، وهو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>