(٢) الحديث ٤٧- مضى الحديث بهذا الإسناد، رقم: ٤٠. فتلك إشارته بقوله هنا: "وذلك الخبر الذي ذكرنا أن أبا كريب حدثنا"، إلخ. (٣) الحديث ٤٨- أبو السائب سلم بن جنادة السوائي الكوفي، شيخ الطبري: ثقة حجة لا شك فيه، روى عنه البخاري في غير كتاب (الجامع الصحيح) ، والترمذي وابن ماجة وأبو حاتم، وهو قديم الولاد، ولد سنة ١٧٤، ومات سنة ٢٥٤. وله ترجمة في تاريخ بغداد ٩: ١٤٧-١٤٨، والتهذيب ٤: ١٢٨-١٢٩، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم: ٢\ ١\ ٢٦٩. و "سلم" بفتح السين وسكون اللام، ووقع في نسخ الطبري "سالم"، وهو تحريف. و "جنادة": بضم الجيم وتخفيف النون. و "السوائي": بضم السين وتخفيف الواو وبعد الألف همزة، نسبة إلى "بني سواءة بن عامر بن صعصعة". وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، ولد سنة ١١٣، ومات سنة ١٩٥. فهذا الإسناد الأول عال جدًا. وذلك أن الطبري روى أثر ابن مسعود هذا بإسنادين: رواه عن سلم بن جنادة عن أبي معاوية عن الأعمش. ثم رواه عن محمد بن المثنى عن ابن أبي عدي عن شعبة عن الأعمش. وهذا الأثر عن ابن مسعود لم نجده في غير هذا الكتاب، إلا ما ذكره صاحب اللسان بغير إسناد، كما سنشير إليه بعد، إن شاء الله. وقوله "قد سمعت إلى القرأة فوجدتهم متقاربين"، في المطبوعة "قد سمعت القراء". و "القراء": جمع "قارئ"، كما هو واضح، ولكن الذي في المخطوطة "إلى القرأة"، بزيادة "إلى" وبلفظ "القرأة"، بفتح الراء والهمزة ثم الهاء في آخره، وهو جمع "قارئ" أيضًا، ففي اللسان "رجل قارئ، من قوم قراء، وقرأة، وقارئين". وهذا الجمع قياسي، مثل "كاتب وكتبة". وانظر همع الهوامع للسيوطي ٢: ١٧٧، ١٧٨. وهذا الأثر ذكره صاحب اللسان ١: ١٢٤، قال: "وروى عن ابن مسعود: تسمعت للقرأة، فإذا هم متقارئون. حكاه اللحياني ولم يفسره. قال ابن سيدة: وعندي أن الجن كانوا يرومون القراءة"! وهكذا وقع الخطأ لهم قديمًا، جعلوها "متقارئون" بالهمزة، ثم فسرها ابن سيدة هذا التفسير العجيب. وهي واضحة في الطبري "متقاربين" بالباء. والسياق نفسه لا يدل إلا على صحة هذا وخطأ ما وقع في اللسان. وكلمة "القرأة" ستأتي في مخطوطة الطبري كثيرا بهذا الرسم، ثم يغيرها مصححو المطبوعة "القراء"، دون حاجة إلى هذا التغيير!