للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

له المناجاة على الطور، (١) وكان موسى واعدا لربه مواعدا له اللقاء. فبأي القراءتين من"وعد" و"واعد" قرأ القارئ، فهو للحق في ذلك -من جهة التأويل واللغة- مصيب، لما وصفنا من العلل قبل. (٢)

ولا معنى لقول القائل: إنما تكون المواعدة بين البشر، وأن الله بالوعد والوعيد منفرد في كل خير وشر. وذلك أن انفراد الله بالوعد والوعيد في الثواب والعقاب، والخير والشر، والنفع والضر الذي هو بيده وإليه دون سائر خلقه -لا يحيل الكلام الجاري بين الناس في استعمالهم إياه عن وجوهه، ولا يغيره عن معانيه. والجاري بين الناس من الكلام المفهوم ما وصفنا: من أن كل اتعاد كان بين اثنين، (٣) فهو وعد من كل واحد منهما صاحبه، ومواعدة بينهما، وأن كل واحد منهما واعد صاحبه مواعد، وأن الوعد الذي يكون به الانفراد من الواعد دون الموعود، إنما هو ما كان بمعنى"الوعد" الذي هو خلاف"الوعيد".

* * *

القول في تأويل قوله تعالى {مُوسَى}

وموسى -فيما بلغنا- بالقبطية كلمتان، يعني بهما: ماء وشجر."فمو"، هو الماء، و"شا" هو الشجر. (٤) وإنما سمي بذلك -فيما بلغنا- لأن أمه لما جعلته في التابوت -حين خافت عليه من فرعون وألقته في اليم، كما أوحى الله إليها، وقيل: إن اليم الذي ألقته فيه هو النيل - دفعته أمواج اليم حتى أدخلته بين أشجار عند بيت فرعون، فخرج جواري آسية امرأة فرعون يغتسلن، فوجدن


(١) في المطبوعة: قد كان وعد موسى" بزيادة"قد"، وفيها أيضًا "وكان الله عز وجل لموسى واعد ومواعدا"، والواو هنا ليست بشيء في قوله"وكان"، و"مواعدا".
(٢) في المطبوعة: "فهو الحق في ذلك. . . "، وهو خطأ.
(٣) في المطبوعة هنا أيضًا كما سلف: "كل إبعاد"، وهو فساد وخطأ.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "سا" وأثبت ما في التاريخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>