للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه وسلم عن طردهم. ولو كانوا هم، لقيل:"وإذا جاؤوك فقل سلام عليكم". وفي ابتداء الله الخبرَ عن قصة هؤلاء، وتركه وصلَ الكلام بالخبر عن الأولين، ما ينبئ عن أنهم غيرُهم.

فتأويل الكلام إذًا = إذ كان الأمر على ما وصفنا = وإذا جاءك، يا محمد، القومُ الذين يصدِّقون بتنزيلنا وأدلتنا وحججنا، فيقرّون بذلك قولا وعملا مسترشديك عن ذنوبهم التي سلفت منهم بيني وبينهم، هل لهم منها توبة، فلا تؤيسهم منها، وقل لهم:"سلام عليكم"، أَمَنَةُ الله لكم من ذنوبكم، أن يعاقبكم عليها بعد توبتكم منها (١) ="كتب ربكم على نفسه الرحمة"، يقول: قضى ربكم الرحمة بخلقه (٢) ="أنه من عمل منكم سوءًا بجهالة ثم تابَ من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم".

* * *

واختلفت القرأة في قراءة ذلك:

فقرأته عامة قرأة المدنيين: (أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا) ، فيجعلون"أنّ" منصوبةً على الترجمة بها عن"الرحمة" = (ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ، على ائتناف"إنه" بعد"الفاء" فيكسرونها، ويجعلونها أداة لا موضع لها، بمعنى: فهو له غفور رحيم = أو: فله المغفرة والرحمة. (٣)

* * *

وقرأهما بعض الكوفيين بفتح"الألف" منهما جميعًا، بمعنى: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ = ثم ترجم بقوله: أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ، عن الرحمة، (فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ، فيعطف ب"أنه" الثانية على"أنه" الأولى، ويجعلهما اسمين منصوبين على ما بينت. (٤)

* * *


(١) انظر تفسير"سلام" فيما سلف ١٠: ١٤٥، ومادة (سلم) في فهارس اللغة.
(٢) انظر تفسير"كتب" فيما سلف ص: ٢٧٣، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٣) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٣٣٦، ٣٣٧.
(٤) انظر ما قاله أبو جعفر في بيان هذه القراءة فيما سلف ص: ٢٧٨ - ٢٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>