للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منه، (١) ومن ذلك قول الشاعر: (٢)

أَبَيِّنَةً تَبْغُونَ بَعْدَ اعْتِرَافِهِ ... وقَوْلِ سُوَيْدٍ قَدْ كَفَيْتُكُمُ بِشْرَا (٣)

* * *

"وكذبتم به" يقول: وكذبتم أنتم بربكم = و"الهاء" في قوله"به" من ذكر الرب جلّ وعز =" ما عندي ما تستعجلون به"، يقول: ما الذي تستعجلون من نقم الله وعذابه بيدي، ولا أنا على ذلك بقادر. وذلك أنهم قالوا حين بعث الله نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم بتوحيده، فدعاهم إلى الله، وأخبرهم أنه رسوله إليهم: هَلْ هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ [سورة الأنبياء: ٣] . وقالوا للقرآن: هو أضغاث أحلام. وقال بعضهم: بل هو اختلاق اختلقه. وقال آخرون: بل محمد شاعر، فليأتنا بآية كما أرسل الأولون = فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: أجبهم بأن الآيات بيد الله لا بيدك، وإنما أنت رسول، وليس عليك إلا البلاغ لما أرسلت به، وأنّ الله يقضي الحق فيهم وفيك، ويفصل به بينك وبينهم، فيتبين المحقُّ منكم والمبطل (٤) ="وهو خير الفاصلين"، أي: وهو خير من بيّن وميّز بين المحق والمبطل وأعدلهم، لأنه لا يقع في حكمه وقضائه حَيْف إلى أحد لوسيلة له إليه ولا لقرابة ولا مناسبة، ولا في قضائه جور، لأنه لا يأخذ الرشوة في الأحكام فيجور، فهو أعدل الحكام وخيرُ الفاصلين.

وقد ذكر لنا في قراءة عبد الله: (وَهُو أَسْرَعُ الْفَاصِلِينَ) .

١٣٣٠٢ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير: أنه قال: في قراءة عبد الله:


(١) انظر تفسير"البينة" فيما سلف من فهارس اللغة (بين) .
(٢) لم أعرف قائله.
(٣) مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ١٩٣.
(٤) انظر تفسير"الفصل" فيما سلف ٥: ٣٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>