للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن أبي أسماء الرحبي، عن شداد بن أوس يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: إن الله زَوى لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربَها، وإنّ ملك أمتي سيبلغ ما زُوي لي منها، وإني أعطيت الكنزين الأحمرَ والأبيض، وإني سألت ربّي أن لا يهلك قومي بسَنَةٍ عامة، وأن لا يلبسهم شيعًا، ولا يذيق بعضهم بأس بعض، فقال: يا محمد، إني إذا قضيت قضاءً فإنه لا يردّ، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، ولا أسلِّط عليهم عدوًّا ممن سواهم فيهلكهم بعامة، (١) حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا، وبعضهم يقتل بعضًا، وبعضهم يسبي بعضًا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني أخاف على أمتي الأئمة المضلين، فإذا وضع السيف في أمتي، لم يُرفع عنهم إلى يوم القيامة. (٢)

١٣٣٦٩- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر قال، أخبرني أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن أبي أسماء الرحبي، عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه = إلا أنه قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لا أخاف على أمتي إلا الأئمة المضلين. (٣)

١٣٣٧٠ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور قال، حدثنا معمر، عن الزهري قال: راقب خباب بن الأرتّ، وكان بدريًّا، النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، حتى إذا فرغ، وكان في الصبح، قال له: يا رسول الله، لقد رأيتك تصلي صلاة ما رأيتك صليت مثلها؟ قال: أجل، إنها صلاة رَغَبٍ ورَهَبٍ، سألت ربي ثلاث خصال، فأعطاني اثنتين، ومنعني واحدة: سألته أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم، فأعطاني. وسألته أن لا يسلط علينا عدوًّا، فأعطاني. وسألته أن لا يلبسنا شيعًا، فمنعني. (٤)


(١) في المطبوعة: "فيهلكهم"، وفي المخطوطة: "فيهلكوهم هم"، وخلط في كتابتها، والصواب من المسند.
(٢) الأثر: ١٣٢٦٨ -"أبو الأشعث الصنعاني"، هو"شراحبيل بن آدة"، من صنعاء الشام، تابعي ثقة. مترجم في التهذيب. و"أبو أسماء الرحبي"، هو"عمرو بن مرثد" تابعي ثقة، مضى برقم: ٤٨٤٤. و"شداد بن أوس بن ثابت الأنصاري"، صحابي، قال عباد بن الصامت: "شداد بن أوس. من الذين أوتوا العلم والحلم، ومن الناس من أوتى أحدهما". وهذا الخبر، رواه أحمد في مسنده ٤: ١٢٣، من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، بمثل رواية أبي جعفر. وأشار إلى روايته من حديث شداد، الحافظ ابن حجر في الفتح (٨: ٢٢١) وقال: "وأخرج الطبري من حديث شداد، نحوه، بإسناد صحيح"، يعني: نحو حديث ثوبان كما سأشير إليه بعد. وخرجه ابن كثير في تفسيره ٣: ٣٢٨، ٣٢٩، من مسند أحمد، وقال: "ليس في شيء من الكتب الستة، وإسناده جيد قوي. وقد رواه ابن مردويه من حديث حماد بن زيد، وعباد بن منصور، وقتادة، ثلاثتهم عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنحوه والله أعلم". وروي هذا الخبر بنحو هذا اللفظ من طريق أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان. بنحو هذا اللفظ. رواه مسلم في صحيحه ١٨: ١٢، ١٤، وأبو داود في سننه ٤: ١٣٨، مطولا، وخرجه السيوطي عن ثوبان. في الدر المنثور ٣: ١٧، وقال: "أخرج أحمد، وعبد بن حميد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبزار، وابن حبان، والحاكم وصححه، واللفظ له، وابن مردويه" ثم ساق لفظ الحاكم في المستدرك. مطولا. قوله: "زوى لي الأرض": جمعها وقبضها حتى يراها جميعًا.
و"السنة": القحط. وقال النووي في شرح مسلم: "وهذا الحديث فيه معجزات ظاهرة وقعت كلها بحمد الله، كما أخبر به صلى الله عليه وسلم. قال العلماء: المراد بالكنزين الذهب والفضة. والمراد كنزي كسرى وقيصر، ملكي العراق والشام. فيه إشارة إلى أن ملك هذه الأمة يكون معظم امتداد في جهتي المشرق والمغرب. وهكذا وقع. وأما في جهتي الجنوب والشمال فقليل بالنسبة إلى المشرق والمغرب. وصلوات الله وسلامه على رسوله الصادق الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى".
(٣) الأثر: ١٣٣٦٩ - انظر التعليق على الأثر السالف. ومن هذه الطريق، رواه أحمد في مسنده ٤: ١٢٣، بمثل ما ذكر أبو جعفر.
(٤) الأثر: ١٣٣٧٠ - هذا الخبر رواه أحمد في مسنده ٥: ١٠٨، والترمذي في كتاب الفتن، موصولا، من طريق الزهري، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن عبد الله بن خباب بن الأرت، عن خباب بن الأرت، مولى بني زهرة. وخرجه ابن كثير في تفسيره ٣: ٣٢٨، من مسند أحمد، ثم قال: "ورواه النسائي من حديث شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، به، ومن وجه آخر. وابن حبان في صحيحه بإسناديهما عن صالح ابن كيسان. والترمذي في الفتن من حديث النعمان بن راشد، كلاهما عن الزهري، به. وقال: حسن صحيح". وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٣: ١٨، وقال: "أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، والنسائي، وابن جرير، وابن مردويه، عن خباب بن الأرت"، وساق الخبر. وقوله: "رغب ورهب" كلاهما بفتحتين، أي: الرغبة والرهبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>