للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني: أنّ عالم الغيب والشهادة هو الذي ينفخ في الصور.

* * *

= فكأن ابن عباس تأوّل في ذلك أن قوله:"عالم الغيب والشهادة"، اسم الفاعل الذي لم يسمَّ في قوله:"يوم ينفخ في الصور"، وأن معنى الكلام: يوم ينفخ الله في الصور، عالم الغيب والشهادة. كما تقول العرب:"أُكلَ طعامك، عبدُ الله"، فتظهر اسم الآكل بعد أن قد جرى الخبر بما لم يسم آكله. وذلك وإن كان وجهًا غير مدفوع، فإن أحسن من ذلك أن يكون قوله:"عالم الغيب والشهادة"، مرفوعًا على أنه نعت ل"الذي"، في قوله:"وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق".

* * *

وروي عنه أيضًا أنه كان يقول:"الصور" في هذا الموضع، النفخة الأولى.

١٣٤٣٣ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة"، يعني بالصور: النفخة الأولى، ألم تسمع أنه يقول: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى يعني الثانية فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ [سورة الزمر: ٦٨] .

* * *

ويعني بقوله:"عالم الغيب والشهادة"، عالم ما تعاينون: أيها الناس، فتشاهدونه، (١) وما يغيب عن حواسكم وأبصاركم فلا تحسونه ولا تبصرونه (٢) ="وهو الحكيم"، في تدبيره وتصريفه خلقه من حال الوجود إلى العدم، ثم من حال العدم والفناء إلى الوجود، ثم في مجازاتهم بما يجازيهم به من ثواب أو عقاب (٣) ="


(١) انظر تفسير"الشهادة" فيما سلف من فهارس اللغة (شهد) .
(٢) انظر تفسير"الغيب" فيما سلف ص: ٤٠٢، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير"الحكيم" فيما سلف من فهارس اللغة (حكم) .

<<  <  ج: ص:  >  >>