للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٣٤٦١ - حدثني العباس بن الوليد قال، أخبرني أبي قال، حدثنا ابن جابر قال، وحدثنا الأوزاعيُّ أيضًا = قال: حدثني خالد بن اللجلاج قال: سمعت عبد الرحمن بن عائش الحضرميّ يقول: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداةٍ، فقال له قائل: ما رأيتك أسفرَ وجهًا منك الغداة! (١) قال: ومالي، وقد تبدّى لي ربّي في أحسن صورة، (٢) فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى، (٣) يا محمد؟ قلت: أنت أعلم [يا رب] ! (٤) فوضع يده بين كتفي فوجدت بردَها بين ثدييّ، (٥) فعلمت ما في السماوات والأرض. (٦) ثم تلا هذه الآية:"وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين". (٧)

* * *


(١) في المطبوعة والمخطوطة: "ما رأيت أسعد منك اليوم"، وهو خطأ، صوابه من منتخب ذيل المذيل لأبي جعفر الطبري، تاريخه ١٣: ٥٩، حيث روى الخبر بتمامه هناك. وقوله: "أسفر وجهًا منك الغداة"، يعني: أحسن إشراقًا وإضاءة، يقال: "سفر وجهه حسنا، وأسفر"، إذا أشرق وأضاء، ومنه في التنزيل العزيز: "وجوه يومئذ مسفرة".
(٢) في المطبوعة: "ما لي قد أتاني ربي"، وفي المخطوطة: "ومالي وقد ستاني ربي" غير منقوطة، محرفة، صوابها من ذيل المذيل لأبي جعفر.
(٣) في المطبوعة: "ففيم يختصم" لم يحسن قراءة المخطوطة، وهو الموافق لما في ذيل المذيل.
(٤) زيادة ما بين القوسين من رواية أبي جعفر في ذيل المذيل.
(٥) قوله: "فوجدت بردها بين ثديي"؛ أسقطه ناشر المطبوعة، لأنه كان في المخطوطة هكذا: "فوضع يده بين كتفي، ثديي"، أسقط الناسخ ما بين الكلامين، والصواب زيادته من رواية أبي جعفر في ذيل المذيل.
(٦) في ذيل المذيل: "ما في السماء والأرض".
(٧) الأثر: ١٣٤٦١ - هذا خبر مشكل جدًّا، كما سترى بعد، وكان في المخطوطة والمطبوعة محرفًا أشد التحريف، وكان إسناده أشد تحريفًا، ولكني صححته بعون الله تعالى ذكره، من رواية أبي جعفر في ذيل المذيل (تاريخ الطبري ١٣: ٥٩، ٦٠) .
"العباس بن الوليد بن مزيد العذري الآملي البيروتي" شيخ الطبري، ثقة، روى عنه كثيرًا مضى برقم: ٨٩١، ١١٠١٤، ١١٨٢١. وأبوه: "الوليد بن مزيد العذري البيروتي"، ثقة؛ مضى برقم: ١١٨٢١. قال الأوزاعي شيخه: "كتبه صحيحة"، وقال النسائي: "هو أحب إلينا في الأوزاعي من الوليد بن مسلم، لا يخطئ، ولا يدلس". و"ابن جابر" هو: "عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي، ثقة، روى له الجماعة، روى عنه الأوزاعي، والوليد بن مزيد البيروتي، وغيرهما. ومضى برقم: ٦٦٥٥. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "أبو جابر"، وهو خطأ، صوابه من ذيل المذيل وغيره.
و"خالد بن اللجلاج العامري"، كان ذا سن وصلاح، جريء اللسان على الملوك، في الغلظة عليهم. قال البخاري: "سمع عمر بن الخطاب، وأباه". وقال ابن أبي حاتم: "روي عن عمر، مرسل، وعن أبيه، ولأبيه صحبة، وعن عبد الرحمن بن عائش الحضرمي" وذكره ابن حبان في ثقات التابعين. مترجم في التهذيب، والكبير٢/١/١٥٦، وابن أبي حاتم ١/٢/٣٤٩. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "خالد الحلاج"، وهو خطأ صرف. وأما "عبد الرحمن بن عائش الحضرمي"، فأمره وأمر صحبته مشكل من قديم، وسيأتي ذكر ذلك. وكان في المطبوعة والمخطوطة: "عبد الرحمن بن عياش"، وحذف ناشر المطبوعة"الحضرمي"، وهي ثابتة في المخطوطة. والصواب من رواية أبي جعفر في ذيل المذيل. ولكن أعجب العجب أنه جاء كذلك في المسند ٥: ٢٤٣: "عبد الرحمن بن عياش الحضرمي"، مع أني لم أجد أحدًا ذكر في ترجمته خلافًا في اسم أبيه"عائش"، فمن عجيب الاتفاق، وهو قليل مثله، أن يأتي كذلك في مخطوطة الطبري والمسند جميعًا، وهو اتفاق عجيب على الخطأ في كتابين متباينين. والذي في المسند خطأ لا شك فيه أيضًا، لأني وجدت ابن كثير في تفسيره ٧: ٢٢٠، ونقل الخبر عن هذا الموضع من مسند أحمد، وفيه"عبد الرحمن بن عائش" على الصواب. وتحريف"عائش" إلى"عياش" جائز قريب، لشهرة"عياش" وكثرة من تسمى به، ولخفاء"عائش" وندرة من تسمى به. و"عبد الرحمن بن عائش الحضرمي" مترجم في التهذيب، وفي ابن سعد ٧/٢/١٥٠، في الصحابة، وفي ذيل المذيل للطبري (١٣: ٥٩، ٦٠) ، وفي الاستيعاب لابن عبد البر: ٣٩٩، وابن أبي حاتم ٢/٢/٢٦٢، وأسد الغابة ٣: ٣٠٣، ٣٠٤، وفي الإصابة، وفي ميزان الاعتدال ٢: ١٠٨. و"عبد الرحمن بن عائش" مختلف في صحبته، فممن صرح بصحبته، ابن سعد، وابن جرير في ذيل المذيل، وابن حبان أما ابن عبد البر في الاستيعاب، وابن الأثير في أسد الغابة، فذكر أنه لا تصح صحبته، لأن حديثه مضطرب. وأما أبو حاتم فقال: "أخطأ من قال: له صحبة، هو عندي تابعي". أما أبو زرعة فقال: "عبد الرحمن بن عائش، ليس بمعروف". وعد الحافظ ابن حجر في الإصابة من عده في الصحابة فقال: "وذكره في الصحابة: محمد بن سعد، والبخاري، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو الحسن بن سميع، وأبو القاسم، والبغوي، وأبو زرعة الحراني، وغيرهم". وقد استوفى الكلام في ترجمته في الإصابة وقال البخاري: "له حديث واحد، إلا أنهم مضطربون فيه"، يعني هذا الحديث. قال الحافظ ابن حجر في الإصابة: "قلت: وقد وجدت له حديثًا آخر مرفوعًا، وحديثا آخر موقوفًا" وهذا الخبر رواه أبو جعفر في ذيل المذيل (تاريخه ١٣: ٥٩، ٦٠) بهذا الإسناد، وأشار إليه الترمذي في تفسير"سورة ص" من سننه (١٢: ١١٦، ١١٧ شرح ابن عربي) ، بعد أن ذكر حديث معاذ بن جبل، من طريق زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن عبد الرحمن بن عائش الحضرمي أنه حدثه عن مالك بن يحامر السكسكي، عن معاذ بن جبل، وذكر الحديث ="قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، سألت محمد بن إسمعيل (البخاري) عن هذا الحديث فقال: هذا أصح من حديث الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال، حدثنا خالد بن اللجلاج، حدثني عبد الرحمن بن عائش الحضرمي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث، وهذا غير محفوظ، هكذا ذكر الوليد في حديثه عن عبد الرحمن بن عائش قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروى بشر بن بكر، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر هذا الحديث بهذا الإسناد، عن عبد الرحمن بن عائش، عن النبي صلى الله عليه وسلم = وهذا أصح، وعبد الرحمن بن عائش لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم". وقد استوفى الحافظ ابن حجر في الإصابة، في ترجمة"عبد الرحمن بن عائش" وجوه الاختلاف والاضطراب في هذا الخبر، وما قالوه في الكتب التي ذكرتها من أنه لم يقل في حديثه: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم"، إلا الوليد بن مسلم. وقد ذكر أن الوليد بن مسلم لم ينفرد برواية ذلك، بل رواه أيضًا ثقة ثبت عن الأوزاعي، صحيح الحديث عنه، هو"الوليد بن مزيد البيروتي" بمثل رواية"الوليد بن مسلم"، وإذن فالاضطراب فيه لم يأت من طريق"الوليد بن مسلم". وذكر الحافظ سائر المتابعات التي تؤيد الوليد بن مسلم في روايته. وأما الخبر بغير هذا الإسناد، فقد رواه أحمد في مسنده ٥: ٢٤٣، والترمذي، كما أشرت إليه آنفًا. ثم رواه أحمد من حديث ابن عباس في مسنده رقم: ٣٤٨٤، بمثله. وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٥: ٣١٩ - ٣٢١ من حديث جماعة من الصحابة، من حديث ابن عباس، ومعاذ بن جبل، وأبي هريرة، وأنس بن مالك، وأبي أمامة الباهلي، وطارق بن شهاب، وعدي بن حاتم، وأبي عبيدة بن الجراح، وثوبان. وهذا قدر كاف في تخريج هذا الخبر المضطرب، تراجع فيه سائر الكتب التي ذكرتها. وكتبه محمود محمد شاكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>