للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تدعونها من دونه شيئًا ينالني به في نفسي من سوء ومكروه. (١) وذلك أنهم قالوا له:"إنا نخاف أن تمسَّك آلهتنا بسوء من برص أو خبل، لذكرك إياها بسوء"! فقال لهم إبراهيم: لا أخاف ما تشركون بالله من هذه الآلهة أن تنالَنِي بضر ولا مكروه، لأنها لا تنفع ولا تضر ="إلا أن يشاء ربي شيئًا"، يقول: ولكن خوفي من الله الذي خلقني وخلق السماوات والأرض، فإنه إن شاء أن ينالني في نفسي أو مالي بما شاء من فناء أو بقاءٍ، أو زيادة أو نقصان أو غير ذلك، نالني به، لأنه القادر على ذلك.

* * *

وبنحو الذي قلنا في ذلك كان ابن جريج يقول:

١٣٤٦٦ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج:" وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان"، قال: دعا قومُه مع الله آلهةً، وخوّفوه بآلهتهم أن يصيبَه منها خَبَل، فقال إبراهيم:" أتحاجوني في الله وقد هدان"، قال: قد عرفت ربّي، لا أخاف ما تشركون به.

* * *

="وسع ربي كل شيء علمًا"، يقول: وعلم ربي كلَّ شيء، فلا يخفى عليه شيء، (٢) لأنه خالق كل شيء، وليس كالآلهة التي لا تضرّ ولا تنفع ولا تفهم شيئًا، وإنما هي خشبة منحوتةٌ، وصورة ممثلة =" أفلا تتذكرون"، يقول: أفلا تعتبرون، أيها الجهلة، فتعقلوا خطأ ما أنتم عليه مقيمون، (٣) من عبادتكم صورةً مصوّرة وخشبة منحوتة، لا تقدر على ضر ولا على نفع، ولا تفقه شيئًا ولا تعقله = وترككم عبادةَ من خلقكم وخلق كلّ شيء، وبيده الخير، وله القدرة على كل شيء، والعالم لكل شيء.

* * *


(١) في المطبوعة: "ينالني في نفسي" بحذف"به" وهي ثابتة في المخطوطة، ولكنه أساء كتابة"ينالني"، فاجتهد الناشر، فحذف.
(٢) انظر تفسير"السعة" فيما سلف ١٠: ٤٢٣، تعليق: ٤، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير"التذكر" فيما سلف ص: ٤٤٢، تعليق: ١، والمراجع هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>