للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب، قولُ من قال: هذا خبرٌ من الله تعالى ذكره عن أولى الفريقين بالأمن، وفصل قضاءٍ منه بين إبراهيم صلى الله عليه وسلم وبين قومه. وذلك أن ذلك لو كان من قول قوم إبراهيم الذين كانوا يعبدون الأوثان ويشركونها في عبادة الله، لكانوا قد أقروا بالتوحيد واتبعوا إبراهيم على ما كانوا يخالفونه فيه من التوحيد، ولكنه كما ذكرت من تأويله بَدِيًّا. (١)

* * *

واختلف أهل التأويل في المعنى الذي عناه الله تعالى بقوله:"ولم يلبسوا إيمانهم بظلم".

فقال بعضهم: بشرك.

* ذكر من قال ذلك:

١٣٤٧٦- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: لما نزلت هذه الآية:"الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"، شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا ترونَ إلى قول لقمان: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ، [سورة لقمان: ١٣] ؟ (٢)

١٣٤٧٧- قال أبو كريب قال، ابن إدريس، حدثنيه أوّلا أبي، عن أبان بن تغلب، عن الأعمش، ثم سمعتُه قيل له: مِنَ الأعمش؟ قال: نعم! (٣)


(١) في المطبوعة: "بدءًا"، وأثبت ما في المخطوطة، وهو محض صواب، أي: أولا.
(٢) الأثر: ١٣٤٧٦ - حديث عبد الله بن مسعود. من طريق الأعمش، رواه أبو جعفر من طرق من رقم: ١٣٤٧٦ - ١٣٤٨٠، ١٣٤٨٣، وانظر رقم: ١٣٥٠٧. وحديث عبد الله، رواه البخاري في صحيحه (الفتح ١: ٨١، ٨: ٢٢٠) ، بنحوه ورواه مسلم في صحيحه ٢: ١٤٣، ١٤٤، من طريق عبد الله بن إدريس، وأبي معاوية، ووكيع، جميعًا عن الأعمش. ورواه الترمذي في كتاب التفسير، من طريق عيسى بن يونس عن الأعمش. ورواه أحمد من طرق في مسنده رقم: ٣٥٨٩، ٤٠٣١، ٤٢٤٠، وسأشير إليه في تخريجها بعد.
(٣) الأثر: ١٣٤٧٧ - ذكره مسلم في صحيحه أيضًا ٢: ١٤٤، من طريق أبي كريب، بنحو قوله هذا.
"أبان بن تغلب الربعي"، ثقة، قال ابن عدي: "له نسخ عامتها مستقيمة إذا روى عنه ثقة، وهو من أهل الصدق في الروايات، وإن كان مذهبه الشيعة، وهو في الرواية صالح لا بأس به".
[فائدة: قال الحافظ في التهذيب: "التشيع في عرف المتقدمين، هو اعتقاد تفضيل علي على عثمان، وأن عليًّا كان مصيبًا في حروبه، وأن مخالفه مخطئ، مع تقديم الشيخين وتفضيلهما. وربما اعتقد بعضهم أن عليًا أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإذا كان معتقدًا ذلك، ورعًا دينًا صادقًا مجتهدًا، فلا ترد روايته بهذا، لا سيما إن كان غير داعية. وأما التشيع في عرف المتأخرين، فهو الرفض المحض، فلا تقبل رواية الرافضي الغالي ولا كرامة] . وعلة ذكر هذا الخبر الثاني، في التعقيب على الخبر الأول أن عبد الله بن إدريس رواه قبل عن الأعمش مباشرة، وكان رواه قبل عن أبيه، عن أبان بن تغلب، عن الأعمش، لينبه على علو إسناده.

<<  <  ج: ص:  >  >>