للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الله بن مسعود، قال: من قرأ على حرف فلا يتحوّلنّ منه إلى غيره (١) .

فمعلوم أنّ عبد الله لمَ يعْن بقوله هذا: من قرأ ما في القرآن من الأمر والنهي فلا يتحولنّ منه إلى قراءة ما فيه من الوعد والوعيد، ومن قرأ ما فيه من الوعد والوعيد فلا يتحولنَّ منه إلى قراءة ما فيه من القَصص والمثَل. وإنما عنى رحمة الله عليه أنّ من قرأ بحَرْفه - وحرْفُه: قراءته، وكذلك تقول العرب لقراءة رجل: حرفُ فلان، وتقول للحرف من حروف الهجاء المقطَّعة: حرف، كما تقول لقصيدة من قصائد الشاعر: كلمة فلان- فلا يتحولنّ عنه إلى غيره رغبة عنه. ومن قرأ بحرف أبيّ، أو بحرف زيد، أو بحرف بعض من قرأ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض الأحرف السبعة - فلا يتحولنّ عنه إلى غيره رغبة عنه، فإن الكفرَ ببعضه كفرٌ بجميعه، والكفرُ بحرف من ذلك كفرٌ بجميعه يعني بالحرف ما وصفنا من قراءة بعض من قرأ ببعض الأحرف السبعة.

٥١- وقد حدثنا يحيى بن داود الواسطي، قال: حدثنا أبو أسامة، عن الأعمش، قال: قرأ أنس هذه الآية: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلا} [سورة المزمل: ٦] فقال له بعض القوم: يا أبا حَمزة، إنما هي "وأقْوَمُ" فقال: أقْوَمُ وأصْوَبُ وأهَيأ، واحدٌ (٢) .


(١) الحديث ٥٠- عبد الرحمن بن عابس: تابعي أيضًا. وقد أبهم الرجل الذي حدثه عن ابن مسعود، فكان الإسناد ضعيفًا.
وهذا الأثر رواه أحمد في المسند رقم: ٣٨٤٥ ضمن حديث طويل، عن محمد بن جعفر عن شعبة عن عبد الرحمن بن عابس، قال: "حدثنا رجل من همدان، من أصحاب عبد الله، وما سماه لنا" إلخ.
(٢) الحديث ٥١- أبو أسامة: هو حماد بن أسامة الكوفي الحافظ. وهذا الأثر سيأتي بهذا الإسناد، وبإسناد آخر، في تفسير سورة "المزمل: ٢٩: ٨٢". ونقله السيوطي في الدر المنثور ٦: ٢٧٨، ونسبه أيضًا لأبي يعلى ومحمد بن نصر وابن الأنباري في المصاحف. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٧: ١٥٦، ونسبه للبزار وأبي يعلى، وقال: "ولم يقل الأعمش: سمعت أنسًا. ورجال أبي يعلى رجال الصحيح، ورجال البزار ثقات".
وقوله "وأهيأ" بدله في مطبوعة الطبري "وأهدى"، والظاهر أنه من تصرف المصححين، لأن ما أثبتنا هو الثابت في المخطوطة وفي رواية الطبري الآتية بالإسناد نفسه وفي الدر المنثور ومجمع الزوائد.

<<  <  ج: ص:  >  >>