للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول في"يَنْعه" إذا فتحت ياؤه، هو جمع"يانع"، كما"التَّجْر" جمع"تاجر"، و"الصحب" جمع"صاحب". (١)

* * *

وكان بعض أهل الكوفة ينكر ذلك، ويرى أنه مصدر من قولهم:"ينع الثمر فهو يَيْنع يَنْعًا"، ويحكى في مصدره عن العرب لغات ثلاثًا:"يَنْع"، و"يُنْع"، و"يَنَع"، وكذلك في"النَّضْج""النُّضج" و"النَّضَج". (٢)

* * *

وأما في قراءة من قرأ ذلك: (وَيَانِعِهِ) ، فإنه يعني به: وناضجه، وبالغه.

* * *

وقد يجوز في مصدره"يُنُوعًا"، ومسموع من العرب:"أينعت الثمرة تُونِع إيناعًا"، ومن لغة الذين قالوا:"ينع"، قول الشاعر: (٣)

فِي قِبَابٍ عِنْدَ دَسْكَرَةٍ ... حَوْلَهَا الزَّيْتُونُ قَدْ يَنَعَا (٤)


(١) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن ١: ٢٠٢، وهو منسوب أيضًا إلى ابن كيسان، كما جاء في لسان العرب (ينع) .
(٢) ذكر أبو جعفر في"ينع" و"نضج" مصدرًا ثالثًا غير الذي ذكره أصحاب المعاجم، فإنهم اقتصروا في (ينع) على فتح الياء وسكون النون، وضمها وسكون النون = واقتصروا في (نضج) على فتح النون وسكون الضاد، وضمها وسكون الضاد. أما هذا المصدر الثالث الذي رواه أبو جعفر ولم يضبطه، فلم أجده في شيء من المعاجم، وهو مما يزاد عليها، إلا أني استظهرت ضبطه في الحرفين بفتح الياء والنون في ينع"، وبفتح النون والضاد في"نضج". وسيذكر أبو جعفر مصدرًا آخر بعد قليل وهو"ينوع".
(٣) هذا شعر مختلف فيه من شعر يزيد بن معاوية، ونسبه المبرد إلى الأحوص، ونسبه الجاحظ إلى أبي دهبل، وينسب إلى الأخطل خطأ.
(٤) الحيوان ٤: ١٠، الكامل ١: ٢٢٦، أنساب الأشراف ٤/٢/٢، مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٠٢، تاريخ ابن كثير ٨: ٢٣٤، تاريخ الخلفاء للسيوطي: ١٤٠، معجم ياقوت (الماطرون) ؛ الخزانة ٣: ٢٧٩، العيني (هامش الخزانة ١: ١٤٩) ، واللسان (ينع) وغيرها. من شعر يقال إن يزيد قاله في نصرانية ترهبت في دير خرب عند الماطرون، وهو موضع بالشأم. وهذا هو الشعر، مع اختلاف الرواية فيه: آبَ هَذَا الهَمُّ فَاكْتَنَعَا ... وأتَرَّ النَّوْمَ فَاْمْتَنَعَا
رَاعِيًا للِنَّجْمِ أرْقُبُهُ ... فَإِذَا ما كَوْكَبٌ طَلَعَا
حَامَ، حَتَّى إنَّنِي لأرَى ... أنَّهُ بِالْغَورِ قَدْ وَقَعَا
وَلَهَا بالمَاطِرُونِ إذَا ... أكَلَ النَّمْلُ الَّذِي جَمَعَا
خُرْفَةٌ، حَتَّى إذَا ارْتَبَعَتْ ... سَكَنَتْ منْ جِلَّقٍ بِيَعَا
فِي قِبَابٍ حَوْلَ دَسْكَرةٍ ... حَوْلَهَا الزَّيْتُونُ قَدْ يَنَعَا
عِنْد غَيْري، فَالْتَمِسْ رَجُلا ... يأكُلُ التَّنُّوَم والسَّلَعَا
ذَاكَ شَيءٌ لَسْتُ آكُلُهُ ... وَأرَاهُ مَأْكَلا فَظِعَا
"اكتنع الهم"، دنا دنوًّا شديدا. و"أتر النوم" أبعده، والرواية المشهورة و"أمر النوم" من المرارة. وقوله: "أكل النمل الذي جمعا"، يعني زمن الشتاء. و"الخرفة" ما يجتنى من الفاكهة. و"ارتبعت" دخلت في الربيع. و"جلق" قرية من قرى دمشق. و"البيع" جمع"بيعة" (بكسر الباء) ، وهي كنيسة اليهود أو النصارى، و"الدسكرة" بناء كالقصر، كانت الأعاجم تتخذه للشرب والملاهي. و"التنوم" و"السلع" نباتان، تأكلها جفاة أهل البادية. و"فظع"، فظيع يستبشعه آكله.
ورواية البلاذري للبيت: فِي جِنَانٍ ثَمَّ مُؤْنِقَةٍ ... حَوْلَهَا الزَّيْتُونُ قَدْ يَنَعَا

<<  <  ج: ص:  >  >>