للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسلم بما ذكرنا عنه من قيله صلى الله عليه وسلم: إن تأويل قوله: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) [سورة القيامة: ٢٢-٢٣] ، أنه نظر أبصار العيون لله جل جلاله، (١) وكان كتاب الله يصدق بعضه بعضًا، وكان مع ذلك غير جائز أن يكون أحدُ هذين الخبرين ناسخًا للآخر، إذ كان غير جائز في الأخبار= لما قد بينا في كتابنا:"كتاب لطيف البيان، عن أصول الأحكام"، وغيره= (٢) علم، أن معنى قوله:"لا تدركه الأبصار"، غير معنى قوله: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) ، فإن أهل الجنة ينظرون بأبصارهم يوم القيامة إلى الله، ولا يدركونه بها، تصديقًا لله في كلا الخبرين، وتسليمًا لما جاء به تنزيله على ما جاء به في السورتين.

* * *

وقال آخرون: معنى ذلك: لا تراه الأبصار، وهو يرى الأبصار.

* ذكر من قال ذلك:

١٣٦٩٧- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"لا تدركه الأبصار"، لا يراه شيء، وهو يرى الخلائق.

١٣٦٩٨- حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر، عن مسروق، عن عائشة قالت: من حدَّثك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ربَّه فقد كذب! "لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار"، (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) ، [سورة الشورى: ٥١] ، ولكن قد رأى جبريل في صورته مرتين.


(١) انظر الأحاديث الصحاح في رؤية ربنا سبحانه يوم القيامة في صحيح البخاري (الفتح ١٣: ٣٥٦، وما بعدها) ، وصحيح مسلم ٣: ٢٥، وما بعدها. والخبران اللذان ذكرهما أبو جعفر خبران صحيحان.
(٢) قوله: ((علم)) جواب قوله آنفًا: ((فإذ كان الله قد أخبر في كتابه ... ))

<<  <  ج: ص:  >  >>