للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن الله تعالى ذكره تقدم إلى خلقه بترك ظاهر الإثم وباطنه، وذلك سره وعلانيته. و"الإثم" كل ما عُصِي الله به من محارمه، (١) وقد يدخل في ذلك سرُّ الزنى وعلانيته، ومعاهرة أهل الرايات وأولات الأخدان منهن، ونكاحُ حلائل الآباء والأمهات والبنات، والطواف بالبيت عريانًا، وكل معصية لله ظهرت أو بطنت. وإذ كان ذلك كذلك، وكان جميعُ ذلك"إثمًا"، وكان الله عمّ بقوله: (وذروا ظاهر الإثم وباطنه) ، جميع ما ظهر من الإثم وجميع ما بطن= لم يكن لأحد أن يخصّ من ذلك شيئًا دون شيء، إلا بحجة للعذر قاطعة.

غير أنه لو جاز أن يوجَّه ذلك إلى الخصوص بغير برهان، كان توجيهه إلى أنه عنى بظاهر الإثم وباطنه في هذا الموضع، ما حرم الله من المطاعم والمآكل من الميتة والدم، وما بيَّن الله تحريمه في قوله: (حرمت عليكم الميتة) إلى آخر الآية، أولى، إذ كان ابتداء الآيات قبلها بذكر تحريم ذلك جرى، وهذه في سياقها. ولكنه غير مستنكر أن يكون عنى بها ذلك، وأدخل فيها الأمر باجتناب كل ما جانسه من معاصي الله، فخرج الأمر عامًا بالنهي عن كل ما ظهر أو بطن من الإثم.

* * *

القول في تأويل قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ (١٢٠) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن الذين يعملون بما نَهاهم الله عنه،


(١) انظر تفسير ((الإثم)) فيما سلف من فهارس اللغة (أثم) .

<<  <  ج: ص:  >  >>