للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٣٨٥٧- حدثني ابن سنان القزاز قال، حدثنا محبوب بن الحسن الهاشمي، عن يونس، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن مسعود، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام) ، قالوا: يا رسول الله، وكيف يُشرح صدره؟ قال: يدخل فيه النور فينفسح. قالوا: وهل لذلك من علامة يا رسول الله؟ قال: التجافي عن دار الغرور، والإنالة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل أن ينزل الموت. (١)

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

١٣٨٥٩- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام) ، أما"يشرح صدره للإسلام"، فيوسع صدره للإسلام. (٢)

١٣٨٦٠- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام) ، بـ "لا إله إلا الله".

١٣٨٦١- حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن ابن جريج قراءة: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام) ، بـ" لا إله إلا الله" يجعل لها في صدره متَّسعًا.

* * *

القول في تأويل قوله: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا}

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ومن أراد الله إضلاله عن سبيل الهدى، يَشغله بكفره وصدِّه عن سبيله، ويجعل صدره بخذلانه وغلبة الكفر عليه، (٣) حرجًا. (٤)

* * *

و"الحرج"، أشد الضيق، وهو الذي لا ينفذه، من شدة ضيقه، (٥) وهو ههنا الصدر الذي لا تصل إليه الموعظة، ولا يدخله نور الإيمان، لريْن الشرك عليه. وأصله من"الحرج"، و"الحرج" جمع"حَرَجة"، وهي الشجرة الملتف بها


(١) الأثر: ١٣٨٥٧ - ((ابن سنان القزاز)) ، شيخ الطبري، هو: ((محمد بن سنان القزاز)) مضى برقم: ١٥٧، ١٩٩٩، ٢٠٥٦، ٥٤١٩، ٦٨٢٢.
و ((محبوب بن الحسن الهاشمي البصري)) ، ((محبوب)) لقب، وهو به أشهر، واسمه: ((محمد بن الحسن بن هلال بن أبي زينب فيروز القرشي)) ، مولى بني هاشم. ثقة، وضعفوه مترجم في التهذيب، والكبير ١ / ١ / ٦٧، في ((محمد بن الحسن البصري)) ، وابن أبي حاتم في ((محمد ابن الحسن البصري)) ٣ / ٢ / ٢٢٨، ثم في ((محبوب بن الحسن بن هلال)) ٤ / ١ / ٣٨٨، ولم يشر إلى أن اسمه ((محمد بن الحسن)) .
و ((يونس)) هو: ((يونس بن عبيد بن دينار العبدي)) ، ثقة، مضى برقم: ٢٦١٦، ٤٩٣١، ١٠٥٧٤.
و ((عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة)) ، هذا إشكال شديد، فإن ((عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود)) ، متأخر جدًا، روى عن أبي إسحاق السبيعي وطبقته ومات سنة ١٦٠، أو سنة ١٦٥. و ((يونس بن عبيد)) ، أعلى طبقة منه، روى عن إبراهيم التيمي، والحسن البصري، وابن سيرين. ومات سنة ١٤٠، فهو في طبقة شيوخه، فلو كان يونس روى عنه، لذكر مثل ذلك في ترجمة ((عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة)) .
وأنا أرجح أن صواب الإسناد: ((عن يونس، عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عتبة)) .
وهو ((عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي)) ، كنيته ((أبو عبد الرحمن)) ، وهو الذي يروي عن عمه ((عبد الله بن مسعود)) ، وولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ورآه، ومات سنة ٧٤. فهو الخليق أن يروي عنه ((يونس بن عبيد)) .
وهذا أيضًا خبر ضعيف، لضعف ((محبوب بن الحسن)) ، وإذن فكل ما قاله الحافظ ابن كثير من أن هذه الأخبار جاءت بأسانيد مرسلة ومتصلة يشد بعضها بعضًا، قول ينفيه شرح هذه الأسانيد كما رأيت، والله الموفق للصواب، وكتبه محمود محمد شاكر.
(٢) تخطيت في الترقيم رقم: ١٣٨٥٨: خطأ.
(٣) في المطبوعة: ((لشغله بكفره ... يجعل صدره)) ، الأخيرة بغير واو، وفي المخطوطة كما أثبتها، وبغير واو في ((يجعل صدره)) ، والسياق يقتضي ما أثبت.
(٤) انظر تفسير ((الإضلال)) فيما سلف من فهارس اللغة (ضلل) .
(٥) في المطبوعة: ((لا ينفذ)) ، وأثبت ما في المخطوطة. وهو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>