بمعنى: ضيّق. وحكي عن الكسائي أنه كان يقول:"الضيِّقُ"، بالكسر: في المعاش والموضع، وفي الأمر"الضَّيْق".
* * *
قال أبو جعفر: وفي هذه الآية أبينُ البيان لمن وُفّق لفهمهما، عن أن السبب الذي به يُوصل إلى الإيمان والطاعة، غير السبب الذي به يُوصل إلى الكفر والمعصية، وأن كلا السببين من عند الله. (١) وذلك أن الله جل ثناؤه أخبر عن نفسه أنه يشرح صدرَ من أراد هدايته للإسلام، ويجعل صدر من أراد إضلاله ضيِّقًا عن الإسلام حَرَجًا كأنَّما يصعد في السماء. ومعلومٌ أن شرح الصدر للإيمان خِلافُ تضييقه له، وأنه لو كان يوصل بتضييق الصدر عن الإيمان إليه، لم يكن بين تضييقه عنه وبين شرحه له فرق، ولكان من ضُيِّق صدره عن الإيمان، قد شُرِح صدره له، ومن شرح صدره له، فقد ضُيِّق عنه، إذ كان مَوْصولا بكل واحد منهما= أعني من التضييق والشرح = إلى ما يُوصَل به إلى الآخر. ولو كان ذلك كذلك، وجب أن يكون الله قد كان شرح صدرَ أبي جهل للإيمان به، وضيَّق صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه. وهذا القول من أعظم الكفر بالله. وفي فساد ذلك أن يكون كذلك، الدليلُ الواضح على أن السَّبب الذي به آمن المؤمنون بالله ورسله، وأطاعه المطيعون، غير السبب الذي كفر به الكافرون بالله وعصاه العاصون، وأن كِلا السببين من عند الله وبيده، لأنه أخبر جل ثناؤه أنه هو
(١) هذا رد على المعتزلة، وانظر ما سلف ص: ٩٢، تعليق: ٣، وهو من أجود الردود على دعوى المعتزلة.