للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومعنى"مِنْ" في هذا الموضع التعقيب، كما يقال في الكلام:"أعطيتك من دينارك ثوبًا"، بمعنى: مكانَ الدينار ثوبًا، لا أن الثوب من الدينار بعضٌ، كذلك الذين خوطبوا بقوله: (كما أنشأكم) ، لم يرد بإخبارهم هذا الخبر أنهم أنشئوا من أصلاب قوم آخرين، ولكن معنى ذلك ما ذكرنا من أنَّهم أنشئوا مكان خَلْقٍ خَلَف قوم آخرين قد هلكوا قبلهم.

* * *

و"الذرية""الفُعْليّة"، من قول القائل:"ذرأ الله الخلق"، بمعنى خلقهم،"فهو يذرؤهم"، ثم ترك الهمزة فقيل:"ذرا الله"، ثم أخرج"الفُعْليّة" بغير همز، على مثال"العُبِّيَّة". (١)

* * *

وقد روي عن بعض المتقدمين أنه كان يقرأ:"مِنْ ذُرِّيئَةِ قَوْمٍ آخَرِينَ" على مثال"فُعِّيلة". (٢)

* * *

وعن آخر أنه كان يقرأ:"وَمِنْ ذِرِّيَّةِ"، على مثال"عِلِّيَّة".

* * *

قال أبو جعفر: والقراءة التي عليها القرأة في الأمصار: (ذُرِّيَّةِ) ، بضم الذال، وتشديد الياء، على مثال"عُبِّية". (٣)

* * *


(١) في المطبوعة: ((العلية)) ، وهو خطأ، لأن هذه بكسر العين. وفي المخطوطة: ((العلمه)) ، غير منقوطة، واجتهدت قراءتها كذلك. وفي الحديث: ((إن الله وضع عنكم عبية الجاهلية وتعظمها بآبائها)) ، و ((العبية)) فخر الجاهلية وكبرها ونخوتها. يقال إنها من ((التعبية)) ، وقالوا بعضهم: هي ((فعولة)) ، وجائز أن تكون ((فعلية)) ، كما قال هذا القائل في ((ذرية)) ، وانظر مادة (عبب) في لسان العرب.
(٢) كان في المخطوطة: ((من ذرية)) ، كما هي التلاوة السالفة، ولكن ظاهر أن الذي في المطبوعة هو الصواب. لأن ((ذرية)) أصلها ((ذريئة)) ، من ((ذرأ الله الخلق)) ، فكان ينبغي أن تكون مهموزة، فكثرت، فأسقط الهمز، وتركت العرب همزها. وانظر لسان العرب (ذرأ) .
(٣) انظر التعليق السالف رقم: ١، وكان في المطبوعة هنا أيضًا ((علية)) ، ومثلها في المخطوطة، والصواب الراجح ما أثبته.

<<  <  ج: ص:  >  >>