للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: أريد بذلك المبالغة في خلوص ما في بطون الأنعام التي كانوا حرَّموا ما في بطونها على أزواجهم، لذكورهم دون إناثهم، (١) كما فعل ذلك"بالراوية" و"النسابة" و"العلامة"، إذا أريد بها المبالغة في وصف من كان ذلك من صفته، كما يقال:"فلان خالصة فلان، وخُلصانه". (٢)

* * *

وأما قوله: (ومحرم على أزواجنا) ، فإن أهل التأويل اختلفوا في المعنيِّ بـ"الأزواج".

فقال بعضهم: عنى بها النساء.

* ذكر من قال ذلك:

١٣٩٤١- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (ومحرم على أزواجنا) ، قال: النساء.

* * *

وقال آخرون: بل عنى بالأزواج البنات.

* ذكر من قال ذلك:

١٣٩٤٢- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: (ومحرم على أزواجنا) ، قال:"الأزواج"، البنات. وقالوا: ليس للبنات منه شيء.

* * *

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله أخبر عن هؤلاء المشركين أنهم كانوا يقولون لما في بطون هذه الأنعام= يعني أنعامهم=:"هذا محرم على أزواجنا"، و"الأزواج"، إنما هي نساؤهم في كلامهم، وهن لا شك بنات من هن أولاده، وحلائل من هن أزواجه. (٣)

وفي قول الله عز وجل: (ومحرم على أزواجنا) ، الدليلُ الواضح على أن تأنيث" الخالصة"، كان لما وصفت من المبالغة في وصف ما في بطون الأنعام بالخلوصة للذكور، لأنه لو كان لتأنيث الأنعام لقيل: و"محرمة على أزواجنا"، ولكن لما كان التأنيث في"الخالصة" لما ذكرت، ثم لم يقصد في"المحرم" ما قصد في"الخالصة" من المبالغة، رجع فيها إلى تذكير"ما"، واستعمال ما هو أولى به من صفته.

* * *

وأما قوله: (وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء) ، فاختلفت القرأة في قراءة ذلك.

فقرأه يزيد بن القعقاع، وطلحة بن مصرِّف، في آخرين:"وَإنْ تَكُنْ مَيْتَةٌ" بالتاء في"تكن"، ورفع"ميتة"، غير أن يزيد كان يشدّد الياء من"مَيِّتَةٌ" ويخففها طلحة.

١٣٩٤٣- حدثني بذلك المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي حماد قال، حدثنا عيسى، عن طلحة بن مصرف.

١٣٩٤٤- وحدثنا أحمد بن يوسف، عن القاسم، وإسماعيل بن جعفر، عن يزيد.

* * *

وقرأ ذلك بعض قَرَأة المدينة والكوفة والبصرة: (وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً) ، بالياء،


(١) السياق: ((في خلوص ما في بطون الأنعام ... لذكورهم دون إناثهم)) .
(٢) انظر تفسير ((الخالصة)) فيما سلف ٢: ٣٦٥، ٣٦٦. انظر تمام حجة أبي جعفر في ذلك فيما سيلي بعد أسطر قليلة.
(٣) انظر تفسير ((الزوج)) فيما سلف ١: ٥١٤ /٢: ٤٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>