قيل: لأن يوم كيله غير يوم حصاده. ولن يخلو معنى قائلي هذا القول من أحد أمرين: إما أن يكونوا وجّهوا معنى"الحصاد"، إلى معنى"الكيل"، فذلك ما لا يعقل في كلام العرب، لأن"الحصاد" و"الحصد" في كلامهم: الجدّ والقطع، لا الكيل = أو يكونوا وجّهوا تأويل قوله:(وآتوا حقه يوم حصاده) ، إلى: وآتوا حقه بعد يوم حصاده إذا كلتموه، فذلك خلاف ظاهر التنزيل. وذلك أن الأمر في ظاهر التنزيل بإيتاء الحقّ منه يوم حصاده، لا بعد يوم حصاده. ولا فرقَ بين قائلٍ: إنما عنى الله بقوله: (وآتوا حقه يوم حصاده) ، بعد يوم حصاده= وآخرَ قال: عنى بذلك قبل يوم حصاده، لأنهما جميعًا قائلان قولا دليلُ ظاهر التنزيل بخلافه.
* * *
القول في تأويل قوله: {وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (١٤١) }
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في"الإسراف"، الذي نهى الله عنه بهذه الآية، ومن المنهيّ عنه.
فقال بعضهم: المنهيّ عنه: ربّ النخل والزرع والثمر= و"السرف" الذي نهى الله عنه في هذه الآية، مجاوزة القدر في العطِيّة إلى ما يجحف برب المال. (١)
* ذكر من قال ذلك:
١٤٠٣٧- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا المعتمر بن سليمان قال، حدثنا عاصم، عن أبي العالية في قوله:(وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا) ، الآية، قال:
(١) انظر تفسير ((الإسراف)) فيما سلف ٧: ٢٧٢، ٥٧٩ /١٠، ٥٧٩ / ١٠: ٢٤٢.