للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك القول في معنى"الفسق" = وفي قوله: (أهل لغير الله به) ، قد مضى ذلك كله بشواهده الكافية من وفِّق لفهمه، عن تكراره وإعادته. (١)

* * *

قال أبو جعفر: واختلفت القرأة في قراءة قوله: (إلا أنْ يكون ميتة) .

فقرأ ذلك بعض قرأة أهل المدينة والكوفة والبصرة: (إِلا أَنْ يَكُونَ) ، بالياء (مَيْتَةً) مخففة الياء منصوبة، = على أن في"يكون" مجهولا و"الميتة" فعل له، (٢) فنصبت على أنها فعل"يكون"، وذكروا"يكون"، لتذكير المضمر في"يكون".

* * *

وقرأ ذلك بعض قرأة أهل مكة والكوفة:"إلا أَنْ تَكُونَ"، بالتاء"مَيْتَةً"، بتخفيف الياء من"الميتة" ونصبها = وكأن معنى نصبهم"الميتة" معنى الأولين، وأنثوا"تكون" لتأنيث الميتة، كما يقال:"إنها قائمة جَارِيتُك"، و"إنه قائم جاريتك"، فيذكر المجهول مرة ويؤنث أخرى، لتأنيث الاسم الذي بعده.

* * *

وقرأ ذلك بعض المدنيين:"إلا أَنْ تَكُونَ مَيِّتَةٌ"، بالتاء في"تكون"، وتشديد الياء من"ميتة" ورفعها= فجعل"الميتة" اسم"تكون"، وأنث"تكون" لتأنيث"الميتة"، وجعل"تكون" مكتفية بالاسم دون الفعل، لأن قوله:"إلا أن تكون ميتة" استثناء، والعرب تكتفي في الاستثناء بالأسماء عن الأفعال، فيقولون:"قام الناس إلا أن يكون أخاك"، و"إلا أن يكون أخوك"، فلا تأتي لـ"يكون"، بفعل، وتجعلها مستغنية بالاسم، كما يقال:"قام القوم إلا أخاك"


(١) انظر تفسير ((الفسق)) فيما سلف ص: ٧٦، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
= وتفسير ((أهل لغير الله به)) فيما سلف ٣: ٣١٩ - ٣٢١ / ٩: ٤٩٣.
(٢) ((الفعل)) هنا، خبر المبتدأ، وهو اصطلاح قديم كما ترى، وتفسيره أن خبر المبتدأ كأنه فعل له. تقول: ((محمد قائم)) ، تفسيره أن محمدا فعل القيام، وهو اصطلاح كوفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>