للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى النار، ومن أخذ على الصراط انتهى به إلى الجنة. ثم قرأ ابن مسعود: (وأن هذا صراطي مستقيمًا) ، الآية.

* * *

قال أبو جعفر: واختلفت القرأة في قراءة قوله: (وأن هذا صراطي مستقيمًا) .

فقرأ ذلك عامة قرأة المدينة والبصرة وبعض الكوفيين: (وَأَنَّ) بفتح"الألف" من"أن"، وتشديد"النون"، ردًّا على قوله: (أن لا تشركوا به شيئًا) ، بمعنى:"قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئًا"،"وأن هذا صراطي مستقيمًا".

* * *

وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين:"وَإِنَّ" بكسر"الألف" من"أن"، وتشديد"النون" منها، على الابتداء وانقطاعها عن الأول، إذ كان الكلام قد انتهى بالخبر عن الوصية التي أوصى الله بها عباده دونه، عندهم. (١)

* * *

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي، أنهما قراءتان مستفيضتان في قرأة الأمصار وعوامّ المسلمين، (٢) صحيح معنياهما، فبأيِّ القراءتين قرأ القارئ فهو مصيبٌ الحقَّ في قراءته.

وذلك أن الله تعالى ذكره قد أمر باتباع سبيله، كما أمر عباده الأنبياء. (٣) وإن أدخل ذلك مُدْخِلٌ فيما أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين: (تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم) ، وما أمركم به، ففتح على ذلك"أن"،


(١) يعني بقوله: ((دونه عندهم)) ، دون النبي صلى الله عليه وسلم، عند من قرأ ذلك كذلك، كما سيظهر ذلك من الآتي بعد، انظر التعليق رقم: ٣.
(٢) ((عوام المسلمين)) يعني: عامة المسلمين، لا يعني ((العوام)) كما استعملت بمعنى: الذين لم يتعلموا العلم.
(٣) في المطبوعة: ((عباده بالأشياء)) ، وهو كلام ساقط، لم يحسن قراءة المخطوطة فغير وزاد. وفي المخطوطة: ((عباده الأساء)) ، والصواب قراءتها ما أثبت. ويعني أن هذا خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>