للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما قلنا: ذلك مرادٌ في الكلام، لأن محمدًا صلى الله عليه وسلم لا شك أنه بُعث بعد موسى بدهر طويل، وأنه إنما أمر بتلاوة هذه الآيات على مَنْ أمر بتلاوتها عليه بعد مبعثه. ومعلوم أن موسى أوتي الكتاب من قبل أمر الله محمدًا بتلاوة هذه الآيات على مَنْ أمر بتلاوتها عليه. و"ثم" في كلام العرب حرف يدلّ على أن ما بعده من الكلام والخبر، بعد الذي قبلها.

* * *

ثم اختلف أهل التأويل في معنى قوله: (تمامًا على الذي أحسن) ، فقال بعضهم: معناه: تمامًا على المحسنين.

* ذكر من قال ذلك:

١٤١٧١- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (تمامًا على الذي أحسن) ، قال: على المؤمنين.

١٤١٧٢- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (تمامًا على الذي أحسن) ، المؤمنين والمحسنين.

* * *

= وكأنّ مجاهدًا وجّه تأويل الكلام ومعناه إلى أن الله جل ثناؤه أخبر عن موسى أنه آتاه الكتاب فضيلة على ما آتى المحسنين من عباده.

* * *

فإن قال قائل: فكيف جاز أن يقال: (على الذي أحسن) ، فيوحِّد"الذي"، والتأويل على الذين أحسنوا؟

قيل: إن العرب تفعل ذلك خاصة في"الذي" وفي"الألف واللام"، إذا أرادت به الكل والجميع، كما قال جل ثناؤه: (وَالْعَصْرِ إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) ، [سورة العصر: ١،٢] ، وكما قالوا:"كثر الدِّرهم فيه في أيدي الناس". (١)


(١) في المطبوعة: ((أكثر الذي هم في أيدي الناس)) ، وهو كلام غث لا معنى له، زاد ((فيه)) على ما كان في المخطوطة. وكان فيها: ((أكثر الدرهم في أيدي الناس)) ، وصواب قراءتها ما أثبت، أو: ((ما أكثر الدرهم في أيدي الناس)) .
وقد سلف هذا البحث فيما مضى، وفيه نحو هذا الشاهد ٤: ٢٦٣، ٢٧٠ / ٦: ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>