للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"هذا نبيي، هذا خياري، استنّوا به"، خذوا في سَنَنه وسبيله، (١) لم تغلق دونه الأبواب، ولم تُقَمْ دونه الحَجَبَة، (٢) ولم يُغْدَ عليه بالجفان، ولم يُرْجع عليه بها، (٣) وكان يجلس بالأرض، ويأكل طعامه بالأرض، ويلعق يده، ويلبس الغليظ، ويركب الحمار، ويُرْدِف بعده، (٤) وكان يقول:"مَنْ رغب عن سنتي فليس مني". قال الحسن: فما أكثر الراغبين عن سنته، التاركين لها! ثم إنّ عُلُوجًا فُسَّاقًا، أكلة الربا والغُلول، (٥) قد سفَّههم ربي ومقتهم، زعموا أن لا بأس عليهم فيما أكلوا وشربوا، وزخرفوا هذه البيوت، يتأوّلون هذه الآية: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) ، وإنما جعل ذلك لأولياء الشيطان، قد جعلها ملاعبَ لبطنه وفرجه (٦) = من كلام لم يحفظه سفيان. (٧)

* * *

وقال آخرون: بل عنى بذلك ما كانت الجاهلية تحرم من البحائر والسوائب.


(١) في المطبوعة: ((في سنته)) ، وقراءتها في المخطوطة ما أثبت. ((السنن)) (بفتحتين) الطريقة: يقال: ((امض على سننك)) ، و ((استقام فلان على سننه)) ، أي طريقته.
(٢) ((الحجبة)) جمع ((حاجب)) ، وهو الذي يحول بين الناس والملك أن يدخلوا عليه.
(٣) في المطبوعة: ((ولم يغد عليه بالجبار)) ، علق عليها أنه في نسخة ((بالجباب)) ، وفي المخطوطة: ((بالجبان)) غير منقوطة، وهي خطأ، وصواب قراءتها ما أثبت، كما وردت على الصواب في حلية الأولياء لأبي نعيم ٢: ١٥٣.
و ((الجفان)) جمع ((جفنة)) ، وهي قصعة الطعام العظيمة. ونص أبي نعيم: ((أما والله ما كان يغدي عليه بالجفان ولا يراح)) ، وهو أجود.
(٤) في المطبوعة: ((ويردف عبده)) ، غير ما في المخطوطة، وفي أبي نعيم: ((ويردف خلفه)) ، وهو بمعنى ما رواه الطبري. أي: يردف خلفه على الدابة رديفًا.
(٥) في المطبوعة والمخطوطة: ((ثم علوجًا)) بإسقاط ((إن)) ، والصواب من حلية الأولياء. و ((الغلول)) : هو الخيانة في المغنم، والسرقة من الغنيمة.
(٦) يعني قد جعل الآية بما تأولها به، لعبًا يلعب بتأويله، ليفتح الباب لكل شهوة من شهوات بطنه وفرجه.
(٧) الأثر: ١٤٥٣٧ - الذي لم يحفظه سفيان، حفظه غيره، رواه أبو نعيم في حلية الأولياء ٢: ١٥٣، ١٥٤ من طريق محمد بن محمد، عن الحسن بن أحمد بن محمد، عن أبي زرعة، عن مالك بن إسماعيل، عن مسلمة بن جعفر، عن الحسن، بنحو هذا اللفظ، وهي صفة تحفظ، وموعظة تهدى إلى طغاتنا في زماننا، من الناطقين بغير معرفة ولا علم في فتوى الناس بالباطل الذي زخرفته لهم شياطينهم

<<  <  ج: ص:  >  >>