للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

له:"وادي المحيا"، وهو المحيَّا الأكبر، جد المحيَّا الأصغر أبي صدوف= وكانت"صدوف" من أحسن الناس، وكانت غنيَّة، ذات مالٍ من إبل وغنم وبقر= وكانتَا من أشدِّ امرأتين في ثمود عداوةً لصالح، وأعظمِه به كفرًا، (١) وكانتا تَحْتالان أن تُعْقَر الناقة مع كفرهما به، (٢) لما أضرَّت به من مواشيهما. وكانت صدوف عند ابن خالٍ لها يقال له:"صنتم بن هراوة بن سعد بن الغطريف"، من بني هليل، فأسلم فحسن إسلامه، وكانت صدوفُ قد فَوَّضت إليه مالها، فأنفقه على من أسلم معه من أصحاب صالح حتى رَقَّ المال. فاطّلعت على ذلك من إسلامه صدوفُ، فعاتبته على ذلك، فأظهر لها دينه، ودعاها إلى الله وإلى الإسلام، فأبت عليه، وبيَّتتْ له، (٣) فأخذت بنيه وبناته منه فغيَّبتهم في بني عبيد بطنِها الذي هي منه. وكان صنتم زوجُها من بني هليل، وكان ابنَ خالها، فقال لها: ردِّي عليَّ ولدي! فقالت: حتى أنافِرك إلى بني صنعان بن عبيد، أو إلى بني جندع بن عبيد! فقال لها صنتم: بل أنافرك إلى بني مرداس بن عبيد! (٤) وذلك أن بني مرداس بن عبيد كانوا قد سارعوا في الإسلام، وأبطأ عنه الآخرون. فقالت: لا أنافرك إلا إلى من دعوتك إليه! فقال بنو مرداس: والله لتعطِنَّه ولده طائعةً أو كارهة! فلما رأت ذلك أعطته إياهم.

=ثم إن صدوف وعُنيزة مَحَلَتا في عقر الناقة، (٥) للشقاء الذي نزل. فدعت صدوف رجلا من ثمود يقال له"الحباب" لعقر الناقة. وعرضت عليه نفسها بذلك إن هو فعل، فأبَى عليها. فدعت ابن عم لها يقال له:"مصدع بن مهرج بن المحيَّا"، وجعلت له نفسها، على أن يعقر الناقة، وكانت من أحسن الناسِ، وكانت غنية كثيرة المال، فأجابها إلى ذلك. =ودعت عنيزة بنت غنم،"قدارَ بن سالف بن جندع"، رجلا من أهل قُرْح. وكان قُدار رجلا أحمرَ أزرقَ قصيرًا،يزعمون أنه كان لزَنْيَةٍ، من رجل يقال له:" صهياد"، ولم يكن لأبيه"سالف" الذي يدعى إليه، ولكنه قد ولد على فراش"سالف"، وكان يدعى له وينسب إليه. فقالت: أعطيك أيَّ بناتي شئتَ على أن تعقر الناقة! وكانت عنيزة شريفة من نساء ثمود، وكان زوجها ذؤاب بن عمرو، من أشراف رجال ثمود. وكان قدار عزيزًا منيعًا في قومه. فانطلق قدار بن سالف، ومصدع بن مهرج، فاستنفرَا غُواةً من ثمود، فاتّبعهما سبعة نفر، فكانوا تسعة نفر، أحدُ النفر الذين اتبعوهما رجل يقال له:" هويل بن ميلغ" خال قدار بن سالف، أخو أمّه لأبيها وأمها، وكان عزيزًا من أهل حجر= و"دعير بن غنم بن داعر"، وهو من بني خلاوة بن المهل= و"دأب بن مهرج"، أخو مصدع بن مهرج، وخمسة لم تحفظ لنا أسماؤهم..... (٦) فرصدوا الناقة حين صدرت عن الماء، وقد كمن لها قُدار في أصل صخرة على طريقها، وكمن لها مصدع في أصل أخرى. فمرت على مصدع فرماها بسهم، فانتظمَ به


(١) في المطبوعة: "وأعظمهم به كفرًا"، كأنه استنكر ما في المخطوطة، وهو صريح العربية: أن يعاد الضمير بعد أفعل التفضيل بالإفراد والتذكير، مثل ما جاء في حديث نساء قريش: "خير نساء ركبن الإبل صوالح قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده"، وكما قال ذو الرمة: وَمَيَّةُ أَحْسَنُ الثَّقَلَيْنِ جيدًا ... وَسَالِفَةً، وَأَحْسَنُهُ قَذَالا
وقد مضى ذكر ذلك في الأجزاء السالفة ٥: ٤٤٨، تعليق: ٢ وص: ٥٥٧، تعليق: ١/ ٦: ٣٩٥، تعليق: ١/ ٧: ٨٧، تعليق: ٤.
(٢) في المطبوعة: "وكانتا تحبان أن تعقر ... "، وأثبت ما في المخطوطة، وهو المطابق كما في قصص القرآن للثعلبي.
(٣) في المطبوعة: "وسبت ولده"، وهو عبث محض، وفي المخطوطة: "وسب له" غير منقوطة، وكأن صواب قراءتها ما أثبت."بيتت له،: فكرت في الأمر وخمرته ودبرته ليلا.
(٤) في المطبوعة: "بل أن أقول إلى بني مرداس"، لم يحسن قراءة المخطوطة، لسوء كتابتها، فأتى بكلام غث.
(٥) في المطبوعة: "تحيلا في عقر الناقة"، وهو كلام هالك، والصواب ما في المخطوطة ولكن الناشر لم يعرف معناه."محل به": كاده، واحتال في المكر به حتى يوقعه في الهلكة.
(٦) مكان النقط بياض في المخطوطة إلى آخر السطر، وفي الهامش حرف (ط) ، دلالة على الشك والخطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>