للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعضهم يخبر بعضًا بما يرون في وجوههم حين أصبحوا من يوم الخميس، وذلك أن وجوههم أصبحت مصفرَّة، ثم أصبحوا يوم الجمعة ووجوههم محمرَّة، ثم أصبحوا يوم السبت ووجوههم مسودّة، حتى إذا كان ليلة الأحد خرج صالح من بين أظهرهم ومن أسلم معه إلى الشأم، فنزل رملة فلسطين، وتخلّف رجل من أصحابه يقال له:" ميدع بن هرم"، فنزل قُرْح= وهي وادي القرى، وبين القرح وبين الحجر ثمانية عشر ميلا= فنزل على سيِّدِهم رجلٍ يقال له:" عمرو بن غنم"، وقد كان أكل من لحم الناقة ولم يَشْتَركْ في قتلها، فقال له ميدع بن هرم: يا عمرو بن غنم، أخرج من هذا البلد، فإن صالحًا قال:"من أقام فيه هلك، ومن خرج منه نجا"، فقال عمرو: ما شرِكت في عَقْرها، وما رضيت ما صُنع بها! فلما كانت صبيحة الأحد أخذتهم الصيحة، فلم يبق منهم صغير ولا كبير إلا هلك، إلا جارية مقعدة يقال لها:" الزُّرَيْعَة"، وهي الكلبة ابنة السِّلق، (١) كانت كافرة شديدَة العداوة لصالح، فأطلق الله لها رجليها بعدما عاينت العذابَ أجمعَ، فخرجت كأسرع ما يُرَى شيءٌ قط، حتى أتت أهل قُرْحٍ فأخبرتهم بما عاينتْ من العذاب وما أصاب ثمود منه، (٢) ثم استسقت من الماء فسُقِيت، فلما شربت ماتت.

١٤٨١٢-حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، قال معمر، أخبرني من سمع الحسن يقول: لما عقرت ثمود الناقة، ذهبَ فصيلها حتى صعد تلا فقال: يا رب، أين أمي؟ ثم رغا رَغوةً، فنزلت الصيحةُ، فأخمدتهم.


(١) في المطبوعة: "الدريعة، وهي كليبة ابنة السلق"، وفي المخطوطة"الدريعة وهي الكلبة ابنة السلق"، وقرأتها كما أثبتها. و"السلق"، الذئب، ويزعمون أن الذئب يستولد الكلبة، وأن ولدها منها يقال له"الديسم"، ويقال للكلاب"أولاد زارع"، فرجحت أن صواب قراءتها"الزريعة" بالتصغير، وأن الذي بعدها تفسير لها، كما هو ظاهر.
و"السلق" (بكسر السين، وسكون اللام) .
(٢) في المطبوعة: "حتى أتت حيا من الأحياء، فأخبرتهم"، غير ما في المخطوطة، مع أن الصواب هو الذي فيها. و"قرح" سوق وادي القرى، كما مر آنفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>