للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَبِي الَّذِي فَتَحَ البِلادَ بِسِيْفِهِ ... فَأَذَلَّها لِبَنِي أَبَانَ الغَابِرِ (١)

يعني: الباقي.

* * *

فإن قال قائل: فكانت امرأة لوط ممن نجا من الهلاك الذي هلك به قوم لوط؟

قيل: لا بل كانت فيمن هلك.

فإن قال: فكيف قيل: (إلا امرأته كانت من الغابرين) ، وقد قلت إن معنى"الغابر" الباقي؟ فقد وجب أن تكون قد بقيت؟

قيل: إن معنى ذلك غير الذي ذهبتَ إليه، وإنما عنى بذلك، إلا امرأته


(١) خزانة الأدب ١: ٥٥، وكان يزيد شريفًا عزيزًا، وأبوه الحكم بن أبي العاصي الثقفي، أحد أصحاب الفتوح الكثيرة في فارس وغيرها، وكذلك عمه عثمان بن أبي العاص صاحب رسول الله، فدعاه الحجاج بن يوسف الثقفي، فولاه فارس، فلما جاء يأخذ عهده، قال له الحجاج: يا يزيد، أنشدني بعض شعرك، وإنما أراد أن ينشده مديحًا له، فأنشده قصيدة يفخر فيها، يقول: وَأَبِي الَّذِي فَتَحَ البِلادَ بِسَيْفِه ... فَأَذلَّهَا لِبَنِي أَبَانَ الغَابِرِ
وَأَبِي الَّذِي سَلَبَ ابْنَ كِسْرَى رايةً ... بيضاءَ تَخْفِقُ كالعُقَابِ الكَاسِرِ
وِإذَا فَخَرْتُ فَخَرْتُ غَيْرَ مُكَذَّب ... فَخْرًا أَدُقُّ بِهِ فَخَارَ الفَاخِرِ
فنهض الحجاج مغضبًا، وخرج يزيد من غير أن يودعه. فأرسل الحجاج حاجبه وراءه يرتجع منه العهد، ويقول له: أيهما خير لك، ما ورثك أبوك أم هذا؟ فقال يزيد: قل له: وَرِثْتُ جَدِّي مَجْدَهُ وَفَعَالَهُ ... وَوَرِثْتَ جَدَّك أعْنُزًا بالطائفِ
ثم سار ولحق بسليمان بن عبد الملك وهو ولي للعهد، فضمه إليه وجعله من خاصته.
وروى صاحب الخزانة: "لبني الزمان الغابر"، وأما رواية جعفر"لبني أبان"، فإنه يعني عشيرته ورهطه، فإن جده هو"أبو العاص بن بشر بن عبد دهمان بن عبد الله بن همام بن أبان بن يسار الثقفي".
وقوله"وأبي الذي سلب ابن كسرى راية"، يعني أباه الحكم في فتح فارس، وإصطخر سنة ٢٣ من الهجرة. (انظر تاريخ الطبري ٥: ٦/ وفتوح البلدان: ٣٩٣، ٣٩٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>