للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أبو جعفر الرازي = قال: أتى النبيُّ صلى الله عليه وسلم ليلة أُسْرِي به على خشبة على الطريق، لا يمرُّ بها ثوبٌ إلا شقته، ولا شيء إلا خرقته، قال: ما هذا يا جبريل؟ ، قال: هذا مثل أقوام من أمتك يقعدون على الطريق فيقطعونه! ثم تلا (ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون) . (١)

* * *

وهذا الخبر الذي ذكرناه عن أبي هريرة، يدلّ على أن معناه كان عند أبي هريرة: أن نبي الله شعيبًا إنما نهى قومه بقوله: (ولا تقعدوا بكل صراط توعدون) ، عن قطع الطريق، وأنهم كانوا قُطَّاع الطريق.

* * *

وقيل: (ولا تقعدوا بكل صراط توعدون) ، ولو قيل في غير القرآن:"لا تقعدوا في كلّ صراط"، كان جائزًا فصيحًا في الكلام، وإنما جاز ذلك لأن الطريق ليس بالمكان المعلوم، فجاز ذلك كما جاز أن يقال:"قعد له بمكان كذا، وعلى مكان كذا، وفي مكان كذا".

* * *

وقال: (توعدون) ، ولم يقل:"تَعِدُون"، لأن العرب كذلك تفعل فيما أبهمت ولم تفصح به من الوعيد. تقول:"أوعدته" بالألف،"وتقدَّم مني إليه


(١) الأثر: ١٤٨٥٣- هذا مختصر من أثر طويل، سيرويه أبو جعفر بهذا الإسناد في تفسير"سورة الإسراء" ١٥: ٦ (بولاق) ، وسيأتي تخريجه هناك.
و"أبو جعفر الرازي" و"الربيع بن أنس"، و"أبو العالية"، ثقات جميعًا، ومضوا في مواضع مختلفة.
وهذا الخبر ذكره الهيثمي مطولا في مجمع الزوائد ١: ٦٧- ٧٢ وقال: "رواه البزار ورجاله موثقون، إلا أن الربيع بن أنس قال: عن أبي العالية أو غيره، فتابعيه مجهول".
ولكن نص أبي جعفر هنا وهناك، يدل على أن أبا جعفر الرازي شك في أنه عن أبي هريرة أو غيره من الصحابة، فلعل ما في رواية البزار مخالف لما في رواية أبي جعفر الطبري.
وخرجه السيوطي في الدر المنثور ٤: ١٤٤ مطولا، ونسبه إلى البزار، وأبي يعلي، وابن جرير، ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن أبي حاتم، وابن عدي، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>