للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال آخرون: معنى ذلك: حتى سُرُّوا.

* ذكر من قال ذلك.

١٤٨٨٦-حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (حتى عفوا) ، يقول: حتى سُرُّوابذلك.

* * *

قال أبو جعفر: وهذا الذي قاله قتادة في معنى:"عفوا"، تأويلٌ لا وجه له في كلام العرب. لأنه لا يعرف"العفو" بمعنى السرور،في شيء من كلامها، إلا أن يكون أراد: حتى سُرُّوا بكثرتهم وكثرةِ أموالهم، فيكون ذلك وجهًا، وإن بَعُد.

* * *

وأما قوله: (وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء) ، فإنه خبرٌ من الله عن هؤلاء القوم الذين أبدلهم مكان الحسنة السيئة التي كانوا فيها، استدراجًا وابتلاء، أنهم قالوا إذ فعل ذلك بهم: هذه أحوال قد أصابتْ مَنْ قبلنا من آبائنا، ونالت أسلافَنا، ونحن لا نعدُو أن نكون أمثالَهم يصيبنا ما أصابهم من الشدة في المعايش والرخاء فيها= وهي"السراء"، لأنها تَسرُّ أهلها. (١)

وجهل المساكين شكرَ نعمة الله، وأغفلوا من جهلهم استدامةَ فضلهِ بالإنابة إلى طاعته، والمسارعة إلى الإقلاع عما يكرهه بالتوبة، حتى أتاهم أمره وهم لا يشعرون.

يقول جل جلاله: (فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون) ، يقول: فأخذناهم بالهلاك والعذاب فجأة، أتاهم على غِرّة منهم بمجيئه، (٢) وهم لا يدرون ولا يعلمون أنّه يجيئهم، بل هُم بأنه آتيهم مكذّبون حتى يعاينوه ويَرَوه. (٣)

* * *


(١) انظر تفسير"السراء" ومراجعه فيما سلف قريبًا ص: ٥٧٣، تعليق: ١.
(٢) انظر تفسير"البغتة" فيما سلف ١١: ٣٢٥، ٣٦٠، ٣٦٨.
(٣) انظر تفسير"شعر" فيما سلف ص: ٩٣، تعليق: ١، والمراجع هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>